المملكة الرابعة في عقدها الثاني
عبد الله ابورمان
04-02-2009 07:44 AM
قبل عشر سنوات ، واجه الأردنيون سيلا من الأسئلة الخبيثة والبريئة، في آن، حول مستقبل كيانهم الوطني، عندما كانت التقارير الطبية تؤكد خبرا، طالما سعى الناس لاستبعاده من أساسه.. تمحورت الأسئلة حول ما بعد الملك الحسين!.
صحيح أن الملك الراحل، ترك وراءه إرثا سياسيا ضخما، هو بمثابة الرصيد الكبير للأردن، وقيادته الجديدة.. وصحيح أيضا، أن الأردن، كدولة مؤسسات وقانون، تمكن من تكريس دوره ومكانته دوليا وإقليميا؛ إلا أن التحول، بطبيعته، لا بد وأن يطرح الأسئلة، أو على الأقل: التساؤلات، لا سيما أن التهديدات التي واجهها الملك الحسين، ومعه الأردنيون كلهم، لم تتبدد، حين وفاته؛ بل إن ما كان قد خمد منها، عاد فأطل برأسه من جديد، مستثمرا لحظة الحزن الأردني الكبير، على ملك، غدا مع الأيام بمثابة الأب، يشعر بقربه ودفئه الجميع، الجميع دون استثناء، ممن استظلوا بظله، طيلة ما يقارب النصف قرن.
بيد أن الأسئلة والتساؤلات، ببريئها وخبيثها، لم تلبث وأن تلاشت، مع اتضاح الملامح الأولى لنهج القيادة الهاشمية الجديدة، حيث أثبت الملك عبدالله الثاني تمسكا مبدئيا بالنهج والثوابت، من جهة.. كما برهن إرادة صريحة على تحديث الأردن، وتهيئته، للانتقال بثقة وعزيمة إلى القرن الواحد والعشرين، ليواصل مسيرته، على أساس من الإصلاح والتنمية الشاملة، وإجراء المراجعات المطلوبة.. والأهم، أن الملك عبدالله الثاني، أصر من اللحظة الأولى على تقديم الإجابات الحاسمة، التي لا تحتمل أي لبس، على كل الأسئلة المؤجلة، وتحديدا بشأن مستقبل العلاقة الأردنية الفلسطينية؛ نافيا، وبشكل حاسم، أي مجال للمناقشة في الأمر، قبل إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، ووفقا لقرارات الشرعية الدولية.
الموقف الملكي الثابت، والمبدئي، تكرس على أرض الواقع، كإحدى المسلمات الرئيسة والثوابت الواضحة في السياسة الأردنية، على مدى العقد الأول من حكم جلالته المديد.. وهو ما ضمن، ليس فقط، حماية القضية الفلسطينية من محاولات التحايل والالتفاف.. ولكنه، أيضا، وبالأساس: حمى الأردن من كل المشاريع والمؤامرات التي سعت لإيجاد حل للقضية الفلسطينية، على حسابه، وبما يمثل إنهاء المشروع الوطني الفلسطيني وعقود من التضحيات والدماء الزكية في سبيل إقامة الدولة الحلم.. وأيضا، إنهاك الأردن، ونقل الأزمات إليه، وتوتيره، ليكون ساحة لتصفية الصراعات الإقليمية والدولية على أرضه، وعلى حساب سيادته واستقراره ووحدته الوطنية.
لقد استطاع الأردن، بقيادته المبادرة، أن يواجه خلال العقد الفائت، كل الأزمات الإقليمية والدولية، السياسية والاقتصادية، وأن يحافظ على منجزاته.. والأهم: أن يواصل مسيرته نحو التحديث والتنمية الشاملة. ولم يكن ليرهن إرادته بالإصلاح وبناء الدولة الحديثة، بالتطورات والأزمات مهما بلغ حجمها أو حدتها.. بل حافظ على خياراته الداخلية بالتوازي مع جهوده الخارجية، على أعلى المستويات، للدفاع عن الثوابت، وتكريسها على شكل أولويات دولية.
واليوم، ونحن نستقبل العقد الثاني، من حكم جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، بالمزيد المزيد من الثقة والأمل، نستطيع أن نقول، وباختصار: إن الأردن تجاوز مرحلة التهديدات .. وكل ما يواجهه ما هو إلا تحديات ، تصعب أو تسهل، ولكنها لا تهدد، أبدا، كيانا استقر على نحو نهائي، وأصبح ثابتا أساسيا، في كل المعادلات الإقليمية والدولية..