تدقيق الحديث .. «ثورة دينية»!
رجا طلب
23-10-2017 12:41 AM
يعد القرار الذي اتخذه الملك سلمان بن عبد العزيز بإنشاء هيئة للتدقيق في استخدامات الأحاديث النبوية خطوة ثورية وحاسمة في مواجهة الفكر الظلامي والمتطرف الذي اعتاش وعلى مدى أكثر من ثلاثة عقود متتالية على تزييف وتأليف أحاديث كاذبة نسبت زورا وبهتانا للنبي محمد صل الله عليه وسلم من اجل تبرير أفعال إجرامية لا علاقة لها بالدين لا من قريب أو بعيد.
تصدي السعودية بصورة خاصة لهذه المهمة التاريخية له الكثير من المعاني والمقاصد والأهداف، فهي قبلة المسلمين وفيها مسقط رأس سيد النبيين محمد صلى الله عليه وسلم، ومنها انطلقت الرسالة الإسلامية للعالمين، وهي بهذا الإرث، وبهذا الحاضر تمثل أكثر من مليار مسلم على وجه الأرض، ومن ابرز أهداف هذه المهمة على الإطلاق هو الحد من الهيمنة المطلقة للمؤسسة الدينية في المملكة «الوهابية الدينية» على الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية في السعودية، كما أن البدء في هذا الأمر ينقذ الدين الإسلامي وسماحته من براثن التكفير والتدمير، ويبرئ السعودية نفسها من رعاية هذا الفكر.
في تقدير صانع القرار السياسي في السعودية انه لم يعد مقبولا لبلد بحجم السعودية على المستوى الديني والاقتصادي والسياسي البقاء تحت رحمة «مرجعية دينية» تعيش عقلية القرن التاسع عشر الميلادي، وان المطلوب اليوم هو إبقاء «الوهابية الدينية» إطارا للحياة الدينية في المملكة دون تغول بأي صورة من الصور على الحياة العامة ولا على المؤسسة الحاكمة التي تمثل «أولي الأمر»، وهي خطوة يمكن وصفها بأنها تعيد إنتاج التحالف التاريخي الذي بني قبل أكثر من قرن من الزمان بين آل سعود وسلالة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، على أرضية جديدة، أرضية تعزز الحكم السياسي لأل سعود وتحد من السلطة الدينية المطلقة لسلالة محمد بن عبد الوهاب.
بصمات ولى العهد السعودي محمد بن سلمان في هذا القرار واضحة وضوح الشمس وهو صاحب رؤية السعودية (2030) التي تعد برنامجا كاملا متكاملا لنقل السعودية مسافات زمنية إلى الأمام تعكس حجمها الحقيقي على مستوى العالم دينيا واقتصاديا وسياسيا. ان ما يجرى في السعودية من خطوات ثورية على المستوى المجتمعي مثل قيادة المرأة للسيارة ومغادرتها للبلاد دون محرم وغيرها من القرارات على هذا المستوى بالإضافة لهذا القرار التاريخي بمراجعة الأحاديث النبوية للتحقق من صحتها سيعمل على تحويل هذا البلد إلى حالة حضارية مؤثرة على مستوى الإقليم والعالم، ومن ابرز نتائج هذا التحول للمملكة سينعكس بالضرورة على مسألتين مصيريتين للأمتين العربية والإسلامية وهما :
أولا: مواجهة الخطاب المعادي للسعودية بأنها حاضنة للفكر التكفيري وراعية له، وهو خطاب مبرمج دعائيا من قبل إيران ومعها إسرائيل وبعض القوى اليمينية في أميركا وأوروبا.
ثانيا: تبرئة الدين الإسلامي من الظلامية والهمجية اللتين تلطخ بهما بسبب الفصائل والتنظيمات الإرهابية من القاعدة إلى داعش، والتي اتخذت من الإسلام شعارا لها ومن راية (لا الله إلا الله محمد رسول الله) عنوانا للذبح والقتل المقزز، فما يجري في السعودية من تحول نحو تعرية الفكر التكفيري هو خبر سيء لأعداء الإسلام والعروبة.
اعتقد جازما أن تلك الهيئة الموقرة التي امر بتشكيلها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ستبدأ في مراجعة كل ما يختص «بالجهاد» سواء في التفسير الخاطئ للآيات القرآنية، وبخاصة «سورة التوبة» التي أطلق عليها المتطرفون سورة « السيف « والتي اعتبروها قانونا يُحلل لهم قتل كل من لا يؤمن بما يعتقدون، ولفظ السيف لم يرد قط في كل آيات القران البالغة 6236 آية ، ولكل ما يتعلق بموضوع الجهاد أو بموضوع «الكافر»، و»التكفير» وتحديدا ما جاء على لسان ابن تيمية، بالإضافة للكثير من الأحاديث التي حُسبت على صحيحي «البخاري ومسلم».
مهمة هذه الهيئة التي ستتشكل من عشرات العلماء في العالم من المسلمين مهمة «جبارة»، ننتظر عملها ونتمنى لها النجاح، وسنتصدى لما تقره بما نستطيع بالنقد البناء والايجابي الذي يساهم في إنقاذ الإسلام من تهمة «الإرهاب»
Rajatalab5@gmail.com
الراي