فتح اغلاق نفق الصحافة جرحا مزمنا في الجسد الوطني , فالازمات متلاحقة ومتلاصقة , ولا ينقصنا ازمات مرورية , دفعنا ثمنها عرقا ومشاجرات وهدر وقت , ابان تكلفة الاغلاقات لبناء جسر الصناعة والتجارة او لباقي الجسور والشوارع , قبل ان تتفتق الذهنية الرسمية عن عدم ضرورة كل هذه الاموال المهدورة على الجسور , فالتحويلات تحت الجسور مغلقة والمخارج كذلك , وكأن العقل الرسمي استمرأ فكرة اغلاق المخارج على كل الصعد الا على مداخل ومخارج جيوب الاردنيين ووقتهم وعرقهم واعصابهم , بعد ان بات الطريق يستهلك كل الوقت وبات الموعد القصير يستهلك ساعة وساعتين .
عقلية بعض الاجهزة التنفيذية مقفلة , وتستهدف فقط إراحة افرادها , التي سرعان ما تضع شارة اغلاق صفراء او قطروس بلاستيكي لاغلاق مضيق جسر الصناعة او جسر النزهة او جسر شارع المدينة او اي جسر آخر , ليصبح الجسر عبارة عن شارع نافذ لا جدوى منه ولا رجاء , المهم ان يرتاح رجل السير او موظف الامانة من عبء الحلول والعمل الجاد لاخراج الاردنيين من نفق الازمات المتلاحقة بدل ترحيلها , وكأن قدر الاردنيين ان يتم ترحيل ازماتهم واحدة تلو الاخرى بما فيها ازمات السير , وكانت اجهزة أمانة عمان ودائرة السير قد اعلنت ان هذه الانفاق والجسور هي لحل الازمة وليس ترحيلها .
الامر لم يقف عند حد اغلاق مخارج الجسور والانفاق واستعباد رجل السير للقادمين من المنافذ , بل تعدى ذلك الى احتلال الشوارع من الفنادق والسفارات وبيوت الاثرياء ايضا , فالكتل الاسمنتية موجودة في كل الشوارع الرئيسة تقريبا ونادرا ما تجد شارع حيوي يخلو من كتلة اسمنت او كتلة بلاستيكية صفراء , فالمهم ان ترتاح السفارة ويرتاح الفندق ويرتاح الثري او المسؤول , فمنذ تفجيرات عمان المشؤومة والحال على ما هو عليه بل ويزداد سوءا على سوئه , فكيف يمكن اقناع زائر باننا بلد الامن والامان والكتل الاسمنتية تحتل شوارعنا وتعصف بمسرب على الاقل ان لم يكن مسربين .
ثمة استقواء على المواطن في قوته ولقمة عيشه وشوارعه , فهل نظرية الحماية قائمة فقط على احتلال جزء من الشارع , وهل قوات الدرك ومهامها قاصرة عن تعويض هذه المسافة المحتلة باسم الامن والامان ؟ الجواب بالقطع , لا , فقوات الدرك من اكفأ الاجهزة في الاقليم وليس في المنطقة العربية فقط , لكن الذهنية استمرأت معاقبة المواطن واكاد اقول اذلاله لصالح السفارات والفنادق والاثرياء والمسؤولين , بدليل ان مرافق وطنية مثل الجامعات ومعظم الوزارات باستثناء الداخلية مشرعة ابوابها الا من كشك حراسة عادي في حرم الوزارة لا خارجها .
عقلية الاجهزة التنفيذية ما زالت مسكونة بنظرية حارس الصبّة المشهورة , حيث وقف حارس على الصبّة حتى تنشف , ونشفت الصبّة لكن الحارس ما زال واقفا , فنحن لا نسعى الى التجديد والابتكار الا في الضرائب والجباية , اما تخفيف العبء عن المواطن فهذا آخر همّ معظم الاجهزة التنفيذية وآخر ما تهتم به عقول المسؤولين.
من حقنا ان نطالب بتحرير شوارعنا من كتل الاسمنت وتحرير شوارعنا من سطوة السفارات والفنادق والميسورين والمسؤولين , وتحرير جسورنا من الاغلاقات العبثية واستقواء رجل السير على مركباتنا وانفاقنا من الوقود ومن سيل المخالفات الجارف , من حقنا ان نشعر بأننا محترمون في بلدنا .
الدستور