علينا ان نكون مع افلاطون ضد ارسطو ومع ارسطو ضد افلاطون كي يستمر التاريخ بوجهيه وجدليته، وفي فيلم عربي حمل عنوانا ذا دلالات ملغومة هو وراء الشمس يقول الاستاذ الجامعي السجين للجلاد : ستدرك ذات يوم انني هنا من اجلك، فأجابه الجلاد نحن هنا لن ننتهي كجلادين وانتم لن تنتهوا كأساتذة وضحايا لهذا فالتاريخ مستمر ...
اردت من خلال المثالين على ما بينهما من تباين ان اقول بأن من لا يقرأ التاريخ وما بين سطوره سيدفع الثمن، تماما كما يدفع الجاهلون بالقانون ثمن جهلهم بعد فوات الاوان ! فهل كان بمقدور طغاة واباطرة ان يتداركوا اندلاع البراكين في بلدانهم ؟ ام ان وهم الاستثناء اوقعهم في براثنه تماما كما ان منهم من تصور بأنه خالد وليس من البشر الفانين.
ما حدث في العالم العربي وغيره من العوالم على امتداد التاريخ قابل للتكرار الا في حالة واحدة هي الوقاية من خلال التلقيح بأمصال الوعي والعدالة، ومن لدغوا من الجحر ذاته الف مرة لم يكونوا فقط من غير قارئي التاريخ، لهذا احضر احد مستشاري محمد علي باشا له بعض الكتب المترجمة الى الالبانية كي يقرأها، صاح في وجهه ورماه بالكتب قائلا له انا مُتفرغ لصناعة التاريخ وليس لقراءته ثم دفع الثمن!!
وقد يغيب عن البعض ان العادل هو المستفيد الاول من عدله كما ان العاقل هو المستفيد الاول من عقله، والعكس صحيح ايضا، فهناك نماذج ممن اخترعوا ادوات تعذيب في التاريخ جربت فيهم . قراءة التاريخ كما هو وليس كما له من جراحات وتدجين هي الوقاية واللقاح والتدارك.
والمسألة اخيرا تتلخص في تعاقد اجتماعي وثقافي واخلاقي بين الافراد، فمن يغشك بالعسل ستغشه حتما بالحليب ومن يكون عليك عليه ان لا ينتظر منك الصدق، لهذا حين يصبح الغش شطارة والفساد ثقافة والانانية منهجا تسقط حضارات وتنتهي الى اطلال وبقايا جرار وادوات وعملة يغطيها الصدأ في المتاحف او لدى الهواة !!!
الدستور