المذبحة التي وقعت في مصر الشقيقة، بحق الجيش والامن المصريين، مذبحة مروعة وحقيرة، وأياً كانت ملابسات هذه المذبحة، فهي تأتينا بخلاصات أخطر، تتعلق بالوضع في مصر.
لا يمكن ان تسترد مصر جاذبتيها على مستويات مختلفة، مالم تتوقف هذه الحوادث، والرسالة التي ترسلها هكذا جرائم، أخطر بكثير، من الجرائم ذاتها، أي التأثير سلبا، على سمعة مصر، واستقرارها، على مستويات امنية واقتصادية واجتماعية.
السنين الأخيرة، واجهت مصر أزمات كثيرة، لكنها عبرت هذه الازمات، ودفعت كلفتها، وإذا كان الوضع الاقتصادي هو الأصعب اليوم، فإن تداعيات هذه الازمات اقتصاديا وامنيا، تداعيات ليست سهلة، وقد بات واضحا ان هناك من لا يريد لمصر ان تستقر.
الجماعات المتطرفة التي تقيم معسكرا، في مناطق نائية، وتقوم بقتل عشرات الجنود، وجرح اخرين، وسط روايات عن وجود مختطفين، تضرب البنية المصرية، ذاتها، وهنا الخسارة الأكبر، اذ إن الاستغراق فقط بتحديد هوية التنظيم المتطرف الذي ينفذ جريمة من هذا النوع امر لايغطي أصل المشكلة، وجذرها، أي وجود مشاريع لهز استقرار مصر، عبر جماعات وكيلة.
في الاغلب نحن امام المشروع الإقليمي الدولي ذاته، الذي يريد اضعاف مصر، اذ ان هذا المشروع تمكن من العراق وسوريا، ولم يتمكن كليا من مصر، بقدر تأثيره على جبهات محددة، أبرزها الوضع الاقتصادي، البنية الوطنية، التنوع الديني، ثقة المصريين بدولتهم.
إذا كان هذا المشروع لقي فشلا على صعيد جبهات كثيرة، الا انه لا يزال مستمرا، من اجل تشظية مصر، واضعافها الى حد كبير، وتحويلها الى دولة فاشلة، على كل المستويات.
المذبحة الأخيرة، تؤكد ان الأوضاع في مصر، ستبقى مهددة، مالم يتمكن الجميع من انهاء هذه الصراعات، ووقف المشروع الإقليمي، لتدمير بنية مصر، والذين يقولون ان هناك دعما أمريكيا لمصر، ولا يوجد أي توجه لمس استقرارها، عليهم ان يتذكروا ان هذا مجرد كلام، فكل الدول المحيطة بإسرائيل، ومهما كانت علاقاتها مع تل ابيب، يجب ان تبقى كيانات هشة، ضعيفة، مهددة اقتصاديا واجتماعيا، وغير قادرة على التنفس.
علينا ان نقرأ بعناية شديدة، كلفة هذه المواجهات والصراعات والأزمات، على مصر ذاتها، بدلا من التشاغل فقط، بهوية المسؤول، وهوية الجاني؛ لأن الفرق كبير.
الدستور