عيناه تحكي قصة حياة حد الموت واشياء اخرى كثيرة في المسافة بين الحياة والموت. ست سنوات قضاها في تجربة لا تستوعبها الكلمات، لتقف عاجزة عن وصفها في المعتقل السئ الصيت غوانتانامو، فحالما تجلس معه تدرك انك تتحدث الى حقبة من الزمان وليس الى مجرد انسان مفعم بالحياة والمشاعر الانسانية العميقة المتناهية في الرقة ورجل حق تحدى وحوشا يسكنون اجسادا، تنتمي الى جيش يمكن تصنيفه في خانة اكثر الجيوش دموية في العالم.
قبل ان التقي سامي الحاج ..... اشهر معتقل على مستوى العالم، اعتقدت انني سالتقي انسانا سلبته السنون العصيبة الماضية الكثير من قواه الداخلية ورصيده المعنوي في الحياة، الا انني فوجئت برجل دمث الخلق هادئ الطباع لا يقل شجاعة عن مقاتل في ساحة وغى بعزيمة قد تكون اقوى مما كانت عليه في2001 وكأنه قد قلب السحر على الساحر وقرر ان يستخدم تجربته المرة لكشف وجه ممارسات الساسة الامريكان على الملأ وللتأكيد على قضايا الامة العربية واولها القضية الفلسطينية وما يحدث في فلسطين من نهب وتنكيل بحقوق الشعب الفلسطيني الضائعة بين حانة ومانة. فكان ابرز حديث مهني في لقائنا التركيز على انتهاكات حقوق الانسان الفلسطيني في فلسطين، كل فلسطين ...لكشف العظيم مما خفي عن الاعلام.
خرج سامي الحاج قويا مدثرا بإيمانه بربه وبدينه وحب الشعب العربي له، خرج يستمتع بحلاوة طعم لقاء محمد الذي ابكانا جميعا، الا انه ما زال يحمل غصة في نفسه، غصة اخوته ممن هم ما زالوا قابعين هناك في الخليج المشؤوم والذين يبلغ عددهم الان 250 معتقلا بحسب منظمة (هيومان رايتس ووتش) لحقوق الانسان وهو عدد انخفض كثيرا عن السنوات السابقة حيث وصل العدد في اقصاه الى 750 معتقلا. ما يميز هذا المعتقل عن غيره هو عدم خضوعه لسلطة دولة معينة حيث يعتبر سلطة مطلقة وذلك لوجوده خارج الحدود الأمريكية ، وهو يقبع في أقصى جنوب شرق كوبا ويبعد 90 ميلاً عن فلوريدا ، والاسوأ انه لا تنطبق عليه أي من قوانين حقوق الإنسان.
تعتبر قصة تأسيس المعتقل بحد ذاتها سلبا للحرية والحقوق، فبعد نهاية الحرب الاسبانية الامريكية، سيطرت امريكا على جميع كوبا بعد ان طردت الاسبان منها ومن ثم قامت بعمل عقد ايجار ابدي يقضي باستئجار خليج غوانتانامو في 23 شباط 1903 وذلك مع "توماس استرادا بالما" والذي يحمل الجنسية الامريكية والذي اصبح فيما بعد اول رئيس لجمهورية كوبا. واعطت المعاهدة الامريكية الكوبية من ضمن ما اعطته سيادة كاملة لجمهورية كوبا على خليج غوانتانامو واعطت الولايات المتحدة السيطرة القضائية الكاملة على المنطقة المحيطة من ارض ومياه كقاعدة بحرية.
تعتبر الحكومة الكوبية الاتفاقية خرقا للمادة 52 من ميثاق جنيفا لقانون المعاهدات الموقع في 1969 وبصورة خاصة بسبب استخدامه كسجن وهو بحد ذاته خرق للاتفاقية التي نصت على استخدامه كقاعدة بحرية. أحتج الثوار الوطنيون على ذلك القرار، و على إثر ذلك لم تقم كوبا بصرف الشيكات إعتراضا منها عليه. و على الرغم من ذلك مازالت الولايات المتحدة الامريكية ترسل صكا سنويا بقيمة 2000 دولار إلى حكومة كوبا. لقد تحررت كوبا ولكنها منحت امريكا مساحة تحرم فيها الالاف حرياتهم.
هي الحرب وقوانينها بالنسبة لامريكا، فالمسافات والخليج والاسلاك الشائكة التي تفصل بين الاب واولاده وزوجته لا تعني شيئا بالنسبة لها، وهي لا تعترف بحقوق البشر في خليج كوبا المؤجر.
عفوا سجناء العالم في امريكا..لا مكان لعوائلكم او حياتكم او مشاعركم في قاموس امريكا،، عفوا سامي الحاج فسنوات فصلتك عن "محمد" الذي تركته وليدا وعدت اليه رجلا صغيرا لا تعني لامريكا شيئا واشهر رمضان الذي توالت عليك عبر سنين اعتقالك دون سفرة رمضان العائلية والاعياد التي قضاها محمد دون ان تضمه احضانك ودون ان يرافقك الى صلاة العيد لا تزن شيئا في ميزان امريكا لحقوق الانسان...عفوا سامي..بوركت الارض العربية التي قدمت منها وبورك النفس العربي الاصيل الذي ينطق بالشجاعة..فانت سامي السامي... اسمى منهم ومن ميثاقهم الملعون الذي لا نعلم الى متى يبقى حبرا على ورق..عفوا ايها القانون و.....عفوا سامي