في طفولتي، أو بعد الطفولة بقليل، كان أطفال الحارة يوزعون المناصب فيما بينهم فيكون احدنا الزعيم ومنا الحارس وأخر سائق الباص ولأني كنت أؤدي اغلب صلواتي في المسجد أعطوني منصب المفتي.
ولما كبرت وكبرت الدنيا معنا ظل هذا المنصب ملتصق بي رغم اني حاولت التخلص منه عندما كان المفتي افقر الناس الا انه صار قدري ونصيبي بالدنيا فقبلت به لما تحسن وضع الافتاء خاصة الذين يطلقون الفتاوى الجاهزة وانا لست باقل منهم فكنت ابرعهم واشطرهم وأجراءهم على الفتوى.
ولما صار المنصب ملتصق بي بشكل رسمي فاني اجهز نفسي وعمامتي لكي اطلق عددا من الفتاوى ابدأها بحرمة لباس العمة للشيوخ لان العمة مؤنث و فتوى ثانية تمنع الرجال الشرب من الزجاجة لان وضع الرجل فمه على فم الزجاجة يشبه التقبيل .
وسأصدر فتوى تمنع ركوب النساء الباص لانه مذكر ومنع الرجال من ركوب التكسي لانها مؤنث .
ولن انس اصدار فتوى تمنع النساء مشاهدة نشرة الاخبار لان الرجال يقدمونها وعدم حمل الرجال للعملة الورقية كونها مؤنث.
وبعد أن تم الغاء الجهاد بفتوى رسمية سوف أعلن جواز جمع الصلوات الخمس في وقت واحد تخفيفا على المسؤولين الذين يجوبون أطراف الكرة الأرضية بحثا عن سعادتنا وراحة بالنا.
ومن خلال موقعي كمفت في الفضائيات التي ستدفع لي عن كل ساعة تلفزيونية 1000 دولار سأطلق فتوى تمنع تجمع الدول العربية في قاعة واحدة وخاصة القمة لانها تعتبر اختلاط بين الدول المذكرة والدول المؤنثة وسأحظى بدعم الزعماء العرب الذين يبحثون عن أي عذر لمنع عقد أي قمة عربية وربما يكافئوني بتعيني مفتي الديار العربية والإسلامية كلها.
وأخيرا وليس أخرا سأصدر فتوى بإهدار دم الكاتب الساخر احمد حسن الزعبي لطعطعته العلنية وسخريته منا نحن معشر المفتنين، عفوا قصدت المفتين.
صارت الفتاوى في عالمنا العربي والإسلامي ظاهرة تثير الفتن بين الزوج وزوجته والأخ وأخيه والشعب وحاكميه فمن فتوى حرمت المظاهرات تضامنا مع شهداء غزة ودماء غزة والعدوان الصهيوني على غزة وفتوى حرمت مقاطعة البضائع الأمريكية وفتوى تمنع مساعدة الممرضين النساء المصابات في الحرب و فتوى تبيح التيمم في من غير ضرورة للمحافظة على الثروة المائية إلى منع رجال الدفاع المدني من الدخول إلى مدرسة بنات لإطفاء الحريق .
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(( أجراءكم على الفتوى أجراءكم على النار)).
royaalbassam@yahoo.com