لتلك القلوب .. لرائحة الياسمين!
لم تختلف احلامها في يوم ما عن احلام الفتيات
فبعض الاحلام تتشابه ولكنها لا تتحقق
حلمت بان ترتدي في يوم ما فستانا ابيض ان ينبض قلبها بالحب والعشق... ان تشعر بانوثتها التي ليست بالضرورة ان ترتبط بالحب لكن الحب يضفي شيئا ما بحياة المرأة يمنحها شعورا مختلفا عن المشاعر الاخرى لكنها ليست النهاية لوجودها.
حلمت ان تكون حياتها لها.
ان تبني شيئا من وجودها وكيانها من خياراتها فقط دون ان يكون للاخرين مساحة فيها كي تكون مختلفة.
حلمت في يوم ما ان تودع أسرتها الصغيرة لتبدأ بحياة اخرى ليس كهدف اساسي بايامها لكن هذا الحلم كان طريقا لها لان تشبع غريزتها بالامومة التي لم تتحقق.
كانت ترى نفسها في مكان واصبحت اليوم في مكان اخر.
في كل مرة كانت ترى من تحبهم يحملون بايديهم اطفالهم كانت تشعر بالفرح الحقيقي لهم كانت تقف لحظات امام غرفة الاطفال تحدق بوجوهم تلامس بقلبها قلوبهم وما ان تحظى بفرصة احتضانهم وشم رائحتهم حتى ينتابها شعور بالوجود ومعناه الحقيقي.
منحتهم الحب الكبير والمشاعر التي لم تكتب لها الحياة ان تعيشها هي كانت دوما جزءا من حياتهم لم تخذلهم يوما ما ولم تتخل عنهم، صديقة ورفيقة؛ تفهمهم قبل ان يعبروا بما في اعماقهم اياما كثيرة كانت تلفها الوحدة وينتابها الحزن واليأس تشعر بانها وحيدة بينهم لكل منهم حياته الخاصة به.
همومهم وتطلعاتهم واحلامهم وحياتهم التي كانت تاخذهم بعيدا عنها وعن مشاعرها ورغبتها بان يطرق ابواب قلبها احدهم... يكسر وحدتها وعزلتها ويرافقها بايامها كي لا تشعر بانها غريبة عمن منحتهم كل ما تملكه من حب وعطاء في لحظات كثيرة بالعمر يجد الانسان نفسه متعبا منكسرا من الداخل يرى حياته في مكان واحلامه التي لطالما حلم بها في مكان اخر كلما حاول الاقتراب من جزء منها تبدد الاخر ووجود الاخرين من حوله وبجانبه يمنحه شيئاً ما يعيد له توزانه بالحياة .
وجود القلوب المحبة التي لا تنسى كم كان حجم العطاء جميلاً ، وجود الايدي التي تدرك معنى ان تمسح دموع الاخرين يحيي الامل بالنفوس وهي كل ما كانت تحتاجه بايامها المتعبة.
لم تسأل العطاء من احد لانها مدركة ان من نحبهم نكون معهم في ايامهم.
من نحبهم نمنحهم من اوقاتنا وايامنا كل ما يحتاجونه... وان لم يطرقوا ابواب قلوبنا يطالبون بذلك من نحبهم لا ندعهم يعيشون العمر بوحدة قاتلة؛ نكون بجانبهم نشاركهم لحظات ايامهم لاجلهم ولاجلنا لان قلوباً كقلوبهم ونفوسهم لا تتكرر كثيرا بالعمر هي الان قد لا تملك القدرة على الحلم من جديد... لانها ودعت احلامها منذ زمن... لكنها لا تزال في ثنايا قلبها ونبضاته تعيش لغيرها... تشعر بالفرح من خلالهم لانها لم تكن في اي يوم ما سوى انسانة معطاءة، ترى بهم احلامها التي لم تتحقق.
ترى بوجودهم مكانا لها في هذه الحياة لانها تحبهم ويعيشون باعماقها.
تقف معهم وتفتح ابواب قلبها لهم ليس لانها محتاجة لوجود الاخرين بجانبها فحسب بل لانها تؤمن بان الحب هكذا يكون وان مشاركة الاخرين احلامهم وايامهم ومساندتهم بكل ما يحتاجونه فلسفة علاقات لا تكون الا بتلك المشاعر الجميلة التي تجمعنا بهم.
هي هذه الانسانة التي تكون بشكل او باخر في الحياة هي الاخت التي لم يكن لها نصيب ان تخرج من بيتها الصغير، لتكون بيتا اكبر هي الاخت التي ترى كل من عاشت معهم سنوات وسنوات، يعيشون حياتهم الخاصة بهم يرحلون لحياتهم لكنها لم ترحل عنهم هي.
لكنها لا تزال تبقي بنفسها على شيء اسمه الحب والتضحية.
ارادت في ايام مضت ان تجعلهم يعيشون ايامها ان يروا حياتها ولو لمرة واحدة فقط لعلهم يدركون كيف تكون لكنهم يرحلون سريعا يخطفون من الزمن لحظات يمنحونها بها بعضا من حبهم لها وقيمتها بقلوبهم.
يعودون لحياتهم بتفاصيلها،يعودون لاطفالهم... لافراحهم... لهمومهم... لاحلامهم... لحياة هي جزء منها لكنها ليست كلها.
وهي ايضا تعود في كل مساء لعالمها .
ليست وحيدة لكن بقلبها شيئاً ما هي عاجزة عن استيعابه هل هو حنين لانسان ما كان يمكن ان يكون يوما ما حبيبا ولم يكن..؟
هل هو اشتياق لرائحة طفل يغفو بجانبها تدرك انه سيغادرها ايضا يوما ما لحياته الخاصة لكنه منحها مشاعر مختلفة لا تتكرر الا معه فقط...؟
هل هو حنين لاحلام كانت في يوم ما حقاً مشروعاً لها ولم تتحقق..؟
لا تعلم كيف ترتب مشاعرها المتناثرة على محطات عمرها لا يمكنها بعد اليوم الا ان تكون كما هي عليه اليوم.
فالحياة لا تعود للوراء والايام ان رحلت لا تعود والاحلام ان لم تتحقق في وقتها لم يعد لها قيمة كما كانت بالبدايات..
انها الاخت التي لا تتكرر كثيرا بالعمر، تحمل قلبا بحجم الحياة نابضا بالحب والعطاء لكل من احبت وادركت بهم انها لا تزال تحيا لتلك القلوب التي لم تنصفها الحياة كما ارادت ولتلك النفوس التي لا تزال قادرة على الحب والعطاء برغم كل ما تعيشه..
لمن لم ترتدِ ثوبها الابيض بايامها لكنها فرحت من قلبها لمن احبتهم وارتدوه لمن لم تنجب طفلا ولم تسمع ذاك الطفل يناديها باجمل وارقى الكلمات بالكون لكنها تمكنت من منح الحب لاطفال اخرين والشعور بهم وبوجودهم فكانت لهم اما دون ان تنجبهم لمن خذلوها الكثيرون وهي التي منحتهم من ايامها وعمرها كل ما يحتاجه الانسان ليبقى صادقا وفيا وبقيت نابضة بالحب والعطاء.
اليها... تبقى اجمل الكلمات لم تقل ولم تكتب بعد.
هي وتلك؛ رائحة الياسمين التي تبقى تنثر عبيرها وتجدد بالنفس الحياة، في كل مرة نمر من امامها، نشتمها ونمضي ولا تزال رائحتها تفوح من ايدينا ترفض ان تغادرنا لانها «الياسمين» التي لا تخوننا.
الراي