التنظيمات الإرهابية وتطوير الذات
سامي المعايطة
19-10-2017 05:57 PM
بشكل مباشر لا يمكن لأي متابع وباحث لمسيرة التنظيمات الإرهابية يعلم بأنها لا تفنى ولا تنقرض وإنما تتحول من شكل إلى أخر ،فعلى مدار نشوء ونمو هذا الفكر فإنه يمكن تشبيهه بشجرة التين التي تقلع ساقها ولكن تعود جذورها إلى سرعة النمو والتمدد والبحث عن عناوين جديدة ولافتات براقة وتكون قد امتلكت خبرة تراكمية في مجال وسائل القتال وزرع بذور الإرهاب والتخريب والدمار وتعزيز ثقافة الدماء من خلال ما يلي :
البناء على الحالة التراكمية باستهدافها من قوى الشر والاستعمار العالمية لتشكيل خطاب استقطابي جديد لعناصر جدد واستغلال حالة فقدان النوافذ والأبواب لمن أصبح حكما غارقا بهذا المستنقع لتجديد مفاهيم نموت ليحيا فكرنا وهذا عنوان يحمل تشعبات كبيرة شاهدناها منذ نشوء ما يسمى بالتنظيم الخاص وأفغانستان والألبان والتجارب الي يعلمها كل متابع .
امتلكت هذه التنظيمات الإرهابية قواعد بيانات ضخمة بالتجربة السورية والعراقية من خبرات استخبارية من خلال تعاملها المباشر مع الاجهزة الاستخبارية ومفاتيحها ونقاط ضعفها ومصادرها وكيفية ابتزازاها والمناطق الرخوة وصراع الأنظمة مما يمكنها من القدرة على سرعة الاستجابة لتوجهات الانظمة والضغط عليها وقراءاتها وحرب المعلومات الاستخبارية وقدرتها على امتلاك مهارات التفاوض وتبادل المصالح والمعلومات ونقاط الدخول والخروج في تشكيل التحالفات التكتيكية.
بناء صفوف متتالية من القيادات بالمراتب المتنوعة وسرعة تقديم البدائل وما عادت تقاد بطرق شخصية وأتباع وإنما خلقت حالة مؤسسية في سرعة اعادة هياكلها التنظيمية وقيادتها الميدانية والقدرة على الفصل بين القتالي والسياسي والشرعي والامتداد الافقي والعمودي وفهم الاستراتيجيات الأمنية للأجهزة الاستخبارية والقيادات السياسية .
امتلاكها خاصية الاختراق للمجتمع الغربي كما العربي والإسلامي وهذه ميزة جديدة تعجز عنها كثير من الاجهزة الامنية والاستخبارية دون تشاركية فامتلكت خاصية الأممية والدولية وتحالف بعضها مع بعض أو العصابات المسلحة وتجار المخدرات والسلاح ومرونتها بالرد السريع والذئاب المنفردة والخلايا النائمة في كل بقاع العالم وأصبحت تضاهي عصابات المافيا العالمية أو المؤسسات الأمنية الخاصة مثل البلاك ووتر .
الاحتراف في استغلال التكنولوجيا والتقنية الحديثة والسوشيال ميديا وأصبحت هناك خبرات معرفية لكثير من أعضائها تفوق الكثير من الأجهزة الأمنية والاستخبارية والعسكرية .
من البديهي بعد تجربتها في بلاد الشام والعراق تعلمت درسا في الابتعاد عن التكدس الديمغرافي أو نقاط تجمع لقياداتها مع بعضها البعض وأصبحت تمتلك القدرة على محاكاة الاجهزة الاستخبارية والأمنية والعسكرية أيضا بما يشابه تجارب حزب الله من خلق معادلة السياسة والارهاب وإبرام الصفقات وتنوع العناوين واللافتات .
استطاعت هذه التنظيمات امتلاك خبراء في فهم طبيعة المجتمعات والمكونات الديمغرافية واللعب على التناقضات وتضارب المصالح الدولية وصراعاتها وكيفية اللعب على مسألة غياب القطبية العالمية وضغوط الشعوب والرأي العام في مختلف الدول العربية والغربية واللعب بها بكل احتراف وحنكة .
وأخيرا وليس آخرا نحتاج الى التوقف عند حديث رئيس الاركان الأردني بأن انتهاء داعش لا يعني انتهاء الإرهاب فهو كائن لا يفنى ولكن يتحول من شكل إلى آخر وهذا ما يقتديه أن تتعامل معه المؤسسات الامنية والاستخبارية والعسكرية والسياسية بدقة وحذر والابتعاد عن نشوة النصر الآني فهم أيضا أصبحوا يتقنون التعامل باستغلال الإعلام بطريقة تفوق ذكاء كثير من الدول وللحديث بقية .
سامي المعايطة مدير مركز العمق للدراسات الاستراتيجية