موقف اسرائيل من المصالحة الفلسطينية: معارضة شكلية
د. عبدالله صوالحة
18-10-2017 06:57 PM
في الثاني عشر من أكتوبر الجاري وقّعت حركتا فتح وحماس في العاصمة المصرية القاهرة اتفاق مصالحة بحضور ورعاية جهاز المخابرات المصري ،وسيتم تنفيذ إجراءات الاتفاق في موعد اقصاه الاول من ديسمبر القادم، في هذا السياق عبرت اسرائيل عن موقفها من خلال اجتماع المجلس الوزاري المصغر - الكابينت حيث وضعت عدة شروط للاعتراف بهذا الاتفاق ، ولكن الاعتراض الاسرائيلي على ذلك الاتفاق هو اعتراض شكلي حيث صرح رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ان اسرائيل لن توافق عليه لكنها لن تمنع تطبيقه على الارض ولن تقطع علاقتها مع السلطة الفلسطينية كما حدث سابقا في اتفاق المصالحة الذي توصلت اليه فتح وحماس في نيسان ٢٠١٤ الذي انهار بعد بضعة أشهر ، حيث اتخذ الكابينت قرارا بتجميد المفاوضات مع السلطة الفلسطينية ووقف المحادثات بين المسؤولين الإسرائيليين ونظرائهم الفلسطينيين .
ومن المهم الإشارة الى الشروط التي وضعتها اسرائيل للاعتراف والموافقة على اتفاق المصالحة لكن الأكثر أهمية هو الانتباه الى ان معظم هذه الشروط هي بالأصل متطلبات السلطة الوطنية الفلسطينية وحركة فتح، كما انها أيضا متطلبات وشروط بعض الدول العربية وهذه الشروط هي:
١-قيام حماس بالاعتراف بإسرائيل ونبذ الاٍرهاب وفقا لشروط الرباعية الدولية.
٢- نزع سلاح حماس.
٣- قيام السلطة الوطنية الفلسطينية ببسط سيطرتها الأمنية الكاملة على قطاع غزة بما في ذلك المعابر والحدود ومنع تهريب الأسلحة الى هناك.
٤- قيام السلطة الفلسطينية بمواصلة العمل على إحباط البنى التحتية للإرهاب في الضفة الغربية.
٥- قطع العلاقات القائمة بين حماس وإيران.
٦- تحويل الأموال والمساعدات الانسانية الى قطاع غزة فقط عن طريق السلطة الفلسطينية والاجهزة التي أقيمت خصيصا لهذا الغرض.
٧- اعادة جثامين الجندين أرون شاؤول وهدار غولدين والمواطنين افيرا منغيستو وهشام السيد المحتجزين في غزة.
وهكذا نرى انه باستثناء الشرط الأخير فان معظم شروط اسرائيل هي متطلبات سابقة كان الرئيس محمود عباس قد طالب بتطبيقها وما زال، مثل وحدة السلاح والسيطرة على المعابر وإعمار غزة ووقف النشاط الحمساوي في الضفة الغربية .. الخ ، اما الشرط المتعلق بقطع علاقات حماس مع ايران فهو شرط ليس فقط إسرائيلي بل عربي أيضا مضافا اليه شرط قطع علاقات حماس مع الجماعة الام جماعة الأخوان المسلمين ، اما الشرط المتعلق باعتراف حماس بإسرائيل فان التغيرات التي طرأت على ميثاق حماس مؤخرا تدل على ان حماس ستسلك الطريق التي سلكته شقيقتها فتح من قبل، وان مسألة الاعتراف بإسرائيل بشكل أو بآخر هي مسألة وقت.
ولكن ماهي الدوافع وراء عدم معارضة اسرائيل تنفيذ الاتفاق على الارض ،علاقة اسرائيل بميكانيات التفاعل الداخلي على الساحة الفلسطينية علاقة مركبة ومعقدة حيث تتأثر اسرائيل من كل تطور على الساحة الفلسطينية سواء كان إيجابيا أو سلبيا ،العامل الأهم في هذا السياق هو الأزمة الانسانية في غزة التي وصلت الى مستوى غير مسبوق ، وبالتالي تخفيف الأزمة الانسانية عن السكان المدنيين في غزة هو مصلحة استراتيجية إسرائيلية لمنع جولة جديدة من الحرب في القطاع ، الهدف الاخر هو ان اسرائيل تأمل ان يوفر اتفاق المصالحة لحماس استخدام المخصصات المالية لتحسين حياة السكان وليس تطوير قدراتها العسكرية ،مصلحة إسرائيلية اخرى هي ان اتفاق المصالحة سوف يحد من نشاط حماس في الضفة الغربية ويزيد من مستوى التنسيق الأمني بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية ،المصلحة الإسرائيلية أيضا تكمن في الاعتبارات الاستراتيجية الاوسع التي تربط علاقات اسرائيل بكل من مصر والولايات المتحدة حيث لا ترغب اسرائيل في احراجهما.
وأخيرا ، يتوقع الكثير من المحللين فشل اتفاق المصالحة المذكور ،لكنني على العكس من كل هؤلاء أتوقع له الاستمرار والنجاح حيث تكمن مصلحة جميع الأطراف وعلى رأسهم حماس بالمحافظة على هذا الاتفاق وتنفيذ مضامينه.