في الحديث عن نقابة المهندسين
أحمد سمارة الزعبي
18-10-2017 01:48 PM
يبدو ان الإعلان عن ميلاد التيار الوطني النقابي المهني " نمو" سارع في تسخين الحراك الانتخابي في نقابة المهندسين ... واستطاع ان يخطف الأضواء من خلال تعبيرات التعددية والتنوع التي شاركت في إشهاره ... وأيضا في الحيثيات التي رافقت المشاورات والحوارات لإعلان هذا التيار ...حيث بدا واضحا للعيان ان مضامين خطاب الافتتاح للمؤتمر الموسع التي شهدته قاعات مجمع النقابات المهنية في عمان ... كانت توحي بأن التيار هو وليد الحاجة الموضوعية للرد على الأزمة العامة بكل مكوناتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية... كما عبر الحضور الكثيف عن حاجة المهندسين الى برامج تنفيذية عملية ... والى طي صفحة الماضي وانطلاق حقبة جديدة قوامها الشراكة والمشاركة واسترداد القرار النقابي من حكومات الظل التي جثمت على صدور المهندسين لعقود طويلة .
الإشكالية التي تواجه العمل النقابي في نقابة المهندسين ، تحّوله الى عمل فئوي ، يمّثل فئات محددة ، يدافع عن فئات محددة ، وتحتكره جهات محددة ، أما الفئات العريضة والواسعة من المهندسات والمهندسين ، المغيبين المهمشين ، وخاصة المنتشرين في القرى والبوادي والأرياف والمخيمات فهم ليسوا أكثر من مجرد حطب في نار الصراعات السياسية ، وساحة لتبادل الرسائل السياسية على حساب الغالبية العظمى منهم .
ان العمل النقابي الحقيقي هو النضال من أجل الدفاع عن حقوق ومكتسبات المهندسين ، وتحسين ظروف عملهم ومعيشتهم ، والدفاع عن الوطن وقضايا الأمة ، انطلاقا من شعار خدمة الأعضاء ، وهذا يفرض على جمهور المهندسين على اختلاف مواقع عملهم واختصاصاتهم ، ان يمارسوا حقهم وواجبهم الوطني اولا ثم النقابي ، بالاندفاع للمشاركة الفاعلة في النشاطات النقابية ، وفرض التعددية والتنوع على المشهد النقابي .
ان مشاركة الشباب والمرأة في النشاط النقابي ، سوف يشكل اختبارا حقيقيا للبنى الفكرية للقوى السياسية ، القائمة على تغييب الديموقراطية في ممارساتها النقابية الداخلية ، كما يشكل امتحانا للقوى النقابية التقليدية في قدرتها على التكيف مع المستجدات ، والاندغام في الفعل النقابي مع جمهور لا يستهان به من الجيل الجديد ، المتقد والحامل لراية التغيير والتجديد والمشاركة .
مهندسو القطاع العام يشكلون مع باقي القطاع ، القاعدة الاجتماعية – الطبقية الضرورية لحماية الوطن والتماسك الاجتماعي فيه ، في ظل سيادة القطاعات غير الانتاجية ، وبالتالي فان المقاربة الاقتصادية البحتة في التعاطي مع هذه المسالة ، يجب ان لا تكون مقاربة كلاسيكية ، حسب تعليمات البنك الدولي والجهات المانحة ، بل لا بد من الأخذ بجملة من المعايير ، التي تحفظ حقوق كافة الأطراف في المعادلة الاقتصادية ، بما فيهم الخزينة وجيش من العاملين في القطاع العام ، فاذا كان هناك فساد وإنفاق مفرط وعبء على الخزينة ، فالحل يجب ان يكون باستئصال اّفة الفساد من جذورها ، وتنظيم الإنفاق ، وليس بإضعاف القطاع العام الذي يعني انهياره ، انهيارا للوطن لا سمح الله .
ان الظروف الاقتصادية والاجتماعية والوضع الداخلي الاستثنائي يؤكد حاجتنا الى كافة الجهود النقابية الوطنية ، لتمكين اّليات عمل نقابي تشاركي ، يتأسس على وعي ديموقراطي وممارسات ديموقراطية حقيقية ، تتجاوز التموضعات الضيقة والتجاذبات الهامشية ، والتمسك بالتنافس الديموقراطي بعيدا عن التخوين والتكفير والاتهامية ، ومن هنا جاءت ولادة التيار الوطني النقابي "نمو" كاستجابة لطبيعة التحديات التي تواجه مسيرتنا ، كتحدي الأزمة الاقتصادية الخانقة وتردي الأوضاع في سوق العمل ، وتفشي ظاهرة البطالة في صفوف المهندسين ، وإغلاق العديد من أسواق العمل الخارجية ، وعجز نقابة المهندسين بحكم بنيتها التقليدية عن الرد على الاسئلة المطروحة نتيجة التغيرات الهائلة في أعداد الخريجين وعجز الدولة عن توفير فرص عمل لهم ، وفي ظل أيضا ثورة عالمية في قطاعات البرمجة وتداعيات " الثورة الصناعة الرابعة " .
المهندسات والمهندسون هم امام تحدي إثبات وجودهم ودورهم ... فالعمارة والإعمار والتنظيم المديني وحماية البيئة هي مقاييس وطنية واجتماعية ومهنية ، ودور النقابة هو الدفاع عن هذه الأسس وتطويرها ... أن تكون مهندسا يعني بكل وضوح ان تضع المعرفة والخيال والإبداع في خدمة المصلحة العامة .. حيث تجتمع المعرفة بموقف أخلاقي ... يؤكد ان دور المهندس ليس ان يبني الحجر فقط ... بل ان يبني وطنا .. بكل ما تحمل كلمة وطن من مضامين .