تغيرت البنية الاجتماعية، بشكل مذهل، وليس أدل على ذلك، من ان الرجل حين يريد ان يخطب فتاة، يسأل مسبقا، إذا ما كانت تعمل او لا، ولربما يحدد دخلها سرعة الرجل في إتمام الخطبة او حتى الابتعاد، عن هكذا مشروع؟!.
تخلى الرجال اذاً عن تحفظهم تدريجيا، وباتوا يبحثون عن شركاء اقتصاديين، لمعرفتهم المسبقة، ان الرجل وحده غير قادر على الانفاق على بيت.
المرأة ذاتها، تم اختطافها الى ذات المربع، اذ باتت تعتبر ان عملها ميزة إضافية، تضاف الى ميزاتها التي تشجع على الاقتران بها، وهكذا يتسلل المال، الى بنية مشروع الزواج بشكل واضح.
تسمع اراء كثيرة، من نسوة يقلن ان الرجل بات اتكاليا، وبات بحاجة الى امرأة تنفق عليه، والواضح ان هذا بات يأخذنا الى مناددة في علاقة الزوجين، تتجاوز فكرة المساواة في البيت، نحو سيطرة المال، وكيفية تدفقه على العلاقات في البيوت، والمؤكد أيضا ان دفع المرأة للمال ضمن موازنة العائلة، يعني مزيد من السلطة المدفوعة بالمقابل لها، من جانب الرجل، في حالات كثيرة.
في دراسات كثيرة، يقول خبراء اجتماعيون، ان نتائج الاستطلاعات تقول ان كثرة من النسوة لديهن رغبة بالانفصال عن ازواجهن، لو كانت لديهن قدرة على الاعتماد ماليا على أنفسهن، وهذا وجه آخر للقصة، يقول ان المال يدير البيوت، سلبا وايجابا، ولم يعد للعاطفة، او الأطفال، الا حسبة قليلة ضمن حسبة الرجل والمرأة، في كثير من الحالات، فالمال وحق الخلع، بات يقلبان معادلات البيوت.
لكن كل هذه المعادلات، لم تعد قائمة فقط على الأسس الأولية المقبولة والمنطقية في شراكة الأزواج، اذ بات يتم تشويه اغلبها، ويكفينا مايقال ، من ان ثلثي المقترضين في الأردن، عام 2017، هن من النساء!
بالنسبة لكثيرين، فأنهم يرون في هذا إهانة شديدة للمرأة، فالرجل بذريعة الشراكة الاقتصادية، لم يعد يتورع بزج زوجته في مشاكل كثيرة، أبرزها الحض على الاقتراض باسمها لتسيير أمور العائلة، ولو عدنا الى نسبة الثلثين، لاكتشفنا، ان اغلبهن متزوجات، وان اغلب ازواجهن مدينون للمصارف، وبسبب كثرة الديون والالتزامات، لا يجد الرجال حلا الا حض المرأة على اخذ قرض جديد، وفي حالات، تتطوع المرأة بذريعة حماية البيت، بان تقترح مشروعا صغيرا، او حلا ماليا، عبر راتبها، في سياق دفاعها عن مؤسستها الاجتماعية المتمثلة بالبيت.
كل هذه الظواهر خطيرة وسلبية، وهي تثبت ان انعدام فرص العمل، وقلة الدخول، وكثرة الالتزامات، ستؤدي الى انتاج ظواهر سيئة، ويكفينا ما نراه اليوم، من ارهاق نفسي وجسدي للمرأة في سوق العمل، الذي يهلكها نفسيا، ويسوقها نحو الحافة، أي التورط بممارسات مالية، كانت حكرا على الرجال.
لسنا نعرف، هل الرجل والمرأة ضحايا لهذه الحياة الصعبة معا، ام ان الرجل أصبح غولا يبتلع حتى زوجته، ويرمي بها الى التهلكة من اجل مصاريف البيت، ام ان المرأة فهمت المساواة في بلد عربي واسلامي، بطريقة خاطئة جعلتها تتورط في قضايا مالية، لا تحتمل في الأساس كلفتها ونتائجها، خصوصا، في مجتمعاتنا.
بعض المقترضات، ارامل، او أمهات ايتام، ويبحثن عن حل أيضا لمشاكلهن الاقتصادية، وهذا يؤشر على خلل كبير في السوار الاجتماعي الذي يحيط بهؤلاء والذي يتخلى عنهن ويدفعهن نحو الاقتراض، مثلما هو خلل في نظام الرعاية الاجتماعية، وتعليمات المعونات، هذا فوق ان أغلبهن بلا عمل، ولو كن يعملن، لما كانت دخولهن كافية.
حين يتم اسقاط المرأة اجتماعيا بهذه الطريقة، ويتوحش الرجال أيضا، فعلينا ان نسمع بعد قليل، ماهو أسوأ وأكثر خطورة، وقد جفت مرؤوة كثيرين، وباتت المرأة عندهم مجرد مدين محتمل، او موظفة يتم استهلاك حياتها وجمالها وامومتها وحضورها، في سوق العمل الذي يصح اعتباره مظهرا من مظاهر الاستعباد في هذا الزمن.
هكذا قصص بحاجة الى قراءة اجتماعية عميقة، وليس مجرد قراءة اقتصادية قائمة على فكرة المساواة بين الرجل والمرأة، والتي تعد قراءة عمياء بما تعنيه الكلمة.
الدستور