أعتقد جازماً بأن الكثير من المسؤولين في بلدنا يتمنون لو أنهم ينامون ويفيقون على خبر انهيار "جوجل" وشقيقاته من محركات البحث على شبكة الإنترنت، لكونها باتت تشكل بديلاً رئيسياً لذاكرة المواطن التي اعتراها بعض الضعف، نتيجة الإدخال الكثيف للوعود المتوالية بأن نور نهاية النفق لا يفصلنا عنه سوى أشهر معدودة.
"جوجل" لا يترك شاردة ولا واردة إلا وخزنها في ظروف تضمن دوام سلامتها واستخدامها في أي وقت ومن أي مكان، لذا فإن الاعتماد على الذاكرة المشتتة للمواطن من كثرة الأحمال والأعطال لم يعد يساعد مسؤولينا على الاستمرار في مواصلة التبشير بأن مرحلة المن والسلوى قادمة، وأنه ليس علينا إلا التحمل قليلاً وشد الحزام على البطن – إن بقي بطن أصلاً- للوصول إلى خط نهاية "مارثون" الإصلاح الاقتصادي وبرامجه وخططه.
"الاقتصاد الأردني بدأ بالتعافي"، "نهاية العام، يخرج الاقتصاد الوطني من عنق الزجاجة"، "لن نرفع الأسعار قبل دراسة أثر ذلك على المواطن". تلك مقتطفات من "ملعون الحرسي جوجل"، وكلها لمسؤولين أردنيين أشبعونا فيها ضرباً كلما عقدوا النية على الإعلان عن ضريبة جديدة أو وضوعوا أعينهم على سلعة معينة أرادوا التغني بأنها مدعومة وأنه لا بد أن يذهب الدعم لمستحقيه.
المواطن الأردني له تجارب كثيرة وعديدة مع قصة الدعم ومستحقيه، وكالعادة يذهب الدعم ومستحقوه معاً بلا رجعة، ويبقى المسؤولون يغردون صباح مساء بأن صبر الأردني لن يذهب سدى وستأتي سنوات سمان يغاث الناس فيهن، وتبقى هذه "الأسطوانة المشروخة" تصم الآذان مع كل قرار رفع جديد أو ضريبة جديدة.
أخشى أن النور الذي سنراه منتصف العام المقبل هو ذات النور الذي نراه في الأفلام الأمريكية، حينما يفارق المريض الحياة فيبتسم لمن حوله ويرى نوراً يشع فوق رأسه إيذاناً بانتقاله من حياة الفناء إلى حياة الخلود الأبدي.
نصيحة لكل مسؤول: لا تراهن على ذاكرتنا المتعبة، ولا على مصيبة تدك أركان "جوجل" وتشطب مخزونه الأرشيفي، واحذر من سؤالك عن أطفال ينامون جوعى أو مرضى يئنون ألماً، أو كيف تطعم أرامل حائرات أطفالهن، فوقتها والله لا يشفع مال ولا بنون!!.