يوما بعد يوم، يحقق الاعلام الروسي الصادر بالعربية، وتحديدا، على شبكة الانترنت، تمددا غريبا، والذي يتابع مواقع مثل روسيا اليوم، سبوتنيك، وغيرها، وما تنشره ذات المواقع على صفحاتها في التواصل الاجتماعي، يكتشف ان الاعلام الروسي، يتسلل الى العالم العربي، بقوة.
ما الذي يجعل حجم القراءات لهذه المواقع مرتفعاً، بهذه الطريقة، إضافة الى متابعة شبكات التلفزة، وبقية المواقع والوكالات الروسية العربية، هذا هو سؤال مهم جدا؟!.
في الأفق وسائل إعلامية غربية باللغة العربية، مثل بي بي سي، وسي ان ان، دويتشه فيليه، يورنيوز، فرنسا 24، وغيرها من وسائل، تتم متابعتها، لكنها تبقى اقل تأثيرا، من وسائل الاعلام الروسية العربية.
هل يبحث الناس هنا عن رواية أخرى، للاحداث عموما، ام ان التدخل الروسي في المنطقة، يثير فضول العرب تحديدا، لمعرفة الكيفية التي يفكر بها الروس، فيدخلون الى هذه المواقع، ويتابعون الاعلام الروسي العربي المتلفز أيضا ؟!.
إذا كنا نتحدث من ناحية مهنية، لا بد ان يقال ان هذه الوسائل تميل الى التقاط قصص صحفية، بطريقة مثيرة للانتباه، وهذا فرق مهني مهم في الاعلام، اذ ان لكل حدث أكثر من رؤية ومعالجة، والفرادة ربما تكمن بالزاوية التي تعالج فيها أي وسيلة إعلامية ذات الحدث.
من ناحية الشكل والتصميم، اغلب هذه الوسائل عادية، ولا يمكن ان نصفها بجاذبية التسويق في المواقع الإعلامية الغربية، والواضح انها تعتمد على المضمون أكثر من الشكل.
هنا لابد ان نشير الى ان الاعلام الروسي، متحيز، فهو يتبنى الروايات الإيرانية والسورية، ويخدم فعليا طهران بطريقة واضحة، أحيانا، وغير مباشرة، في أحيان أخرى، ويمكن القول ان الإيرانيين يجدون في وسائل الاعلام الروسية، مهمة منصة، تعوضهم، عن عدم تأثير وسائلهم الناطقة بالعربية التقليدية، او حتى تلك العربية التابعة لهم، في دول كثيرة، مثل لبنان.
هل هو الاعجاب بالخصم القوي، الذي يتمدد في الشرق الأوسط، دون ان يوقفه أحد، ام انها النزعة لقراءة الرواية الإعلامية من زاوية اخرى.
لا بد ان نقول اليوم، ان كل متأثر بالاعلام الروسي العربي، هو بالضرورة منسحب كليا او جزئيا من جمهور الاعلام الغربي العربي، مثلما هو منسحب كليا او جزئيا من الاعلام العربي الالكتروني،غير المحلي.
الاعلام الروسي العربي، يتمدد في العالم، وهو يكبر يوما بعد يوم، مقابل فشل دول إقليمية وعالمية، في مد اعلامها الناطق بالعربية، مثل الصينيين، والأتراك الى حد ما.
لابد من تحليل الاعلام الروسي العربي، ومعرفة وسائل قوته، ولماذا يزداد جمهوره، وتحليل الأفكار التي ينقلها بنعومة الى العالم العربي، فهو ليس اعلام ينقل الاخبار، بل يضيف اليها نكهات في التحليل تؤثر في وعي المتلقي، بما يبلور موقفا لصالح الروس في المنطقة.
الدستور