العشائرية .. ودعم الإصلاح السياسي
د. بلال السكارنه العبادي
15-10-2017 06:19 PM
تابعت بالأمس الندوة التي عقدها مركز الشفافية والتي تحدث بها دولة فيصل الفايز رئيس مجلس الأعيان ، ،وتم التطرق لموضوع العشائرية والإصلاح السياسي وما علاقة ذلك بالحزبية ، ومن خلال المتابعة للمشهد السياسي في الأردن أرى بين الفينة والأخرى ما بين ظهرانينا بعض المنظرين السياسيين الذين يتشدقون بالكلام والمحاضرات حول عدم أهمية العشائر ودورها السياسي في بناء الحياة السياسية والحزبية ، وان هؤلاء جاعلين من أنفسهم حماةً للإصلاح والتحرر الديمقراطي معتدين على كرامة الوطن وإحدى ثوابته وهم العشائر الأردنية .
إن هذه القبائل التي بنت وساهمت في ازدهار ونماء الأردن قد جاء بسواعد أبناؤه وحرارة صيفه وبرودة شتاؤه فلم تكن أي مظاهر للحياة المدنية ، وفي تلك الأيام الخوالي التي لم تكن عمان إلا قرية صغيرة ، وكانت هنالك بيوت الشعر والعز والفخر، وأصبح الاردن منارة للعلم والمعرفة والتطور بالرغم من شح إمكاناته وموارده ومضى وهو يرتدي شماغ الفرح وثوب الوفاء حاضناً كالأم الرؤوم كل أشقاءه العرب لمن شردتهم الحروب وأصابهم التنكيل والتعذيب حتى من ذوي القربى ليكون الأردن وطنهم الثاني دون أي منة وإنما يجمعنا نبراس الخير فاتحين ذراعينا متقاسمين مع الآخرين شح مواردنا المالية والاقتصادية والمائية .
ونقول لهؤلاء أن هذه العشائر تمتاز بكثير من الأدوار والنماذج الايجابية التي تساعد مؤسسات الدولة في النهوض بتحقيق أهدافها وخططها والمساعدة على إيجاد نوع من التوازن الاجتماعي والسياسي والقضائي في كثير من القضايا والأحداث التي نمر بها، مما يساهم في بناء نموذج حضاري للدولة الأردنية الحديثة وعدم وجود أي نوع من الاختلالات التي تعيق مسيرة الانجازات التي تتحقق في وطننا الغالي.
وتجدر الإشارة إلى ان النموذج الوطني الذي قدمته العشائر في مواجهة أشكال العنف الاجتماعي كافة الذي يبرز ما بين فترة وأخرى، انطلق من ذاتها مكانياً واجتماعياً فقد بدأت العشائر بمناطقها عندما رفضت أن تكون هذه المناطق بؤراً للعنف الاجتماعي والخروج على القانون، وتحولت إلى معين اجتماعي وأخلاقي يغذي توجهات الإصلاح السياسي والاجتماعي على الصعيد الوطني العام. وأن زخم المواقف الوطنية التي اضطلعت بها العشائر في ميادين المواجهة المباشرة. وفي تحويل المضايف إلى دواوين للصلح والتوافق وفي الحرص على عقد اللقاءات والاجتماعات والندوات، والتي يمكن الاستدلال عليها بأنه كان وما زال بمثابة ورش عمل لصقل الشخصية الوطنية على هذا الطريق.
ولأكثر من اعتبار وطني تستمد العلاقة بين العشائر والحكومة في إطارها الرحب والواضح، وتظهر هذه العلاقة وجودها البارز في نسيج مؤسسات الدولة عموما والعلاقة الأبرز بين العشائر ورجال الأمن وبالتالي بين العشائر والشرطة وقد تحققت الكثير من النجاحات في مضمار الأمن الوطني، فمن الأنصاف والاعتراف التأكيد على أن العشائر كانت وما زالت لها الدور الواضح ليس من منظور الاستنجاد بها وإنما من منطلق المسؤولية التضامنية بين العشائر والحكومة ومواقفها في نهوض المجتمع ومحاربة المفسدين ومساعدة الجهات الأمنية المسؤولة عن حماية الشعب والبلاد.
إن مجموعة الاعتبارات التي تدفع العشائر للالتزام بواجبها الأمني العام هي اعتبارات تأخذ مفهومها العام من الروح الوطنية العشائرية في اغلب مفاهيمها أصلاً ضمن قائمة المكونات الأخلاقية للعشيرة من نخوة ونبل وشهامة واستعداد للذود عن كل ما هو صحيح في إطار المروءة التي تعلو منهج العشيرة وهو مصلحة عشائرية بالدرجة الأساس بمعنى أخر هو مصلحة وظيفية مشاركة للدولة والعشائر بوصفها مؤسسة اجتماعية لا تختلف في منطقها عن أية مؤسسة مجتمع مدني.
والسؤال الذي يطرح لماذا بين فترة وأخرى يتم طرح موضوع العشائر ونحن نعيش مرحلة الاصلاح السياسي والاقتصادي ومحاربة الفساد والمفسدين ان يتم اطلاق العبارات الغريبة ذات الابعاد التشرذمية توحي من خلالها المساس بالدور الايجابي للعشائر ، خاصة ان غالبية المجتمعات العربية من الخليج والى المغرب العربي مبنية في تكوينها السياسي والاجتماعي على العشائر ، اقول لهؤلاء ان كل من يحاول الغاء الهوية الوطنية للعشائر الاردنية ودورها السياسي والاصلاحي ان غيكم سوف يذهب ادراج الرياح وستبقى الاردن والعشائر عصية على اطماعكم .
bsakarneh@yahoo.com