لا بديل عن الاصلاح الشامل للنظام الضريبي
د. عاكف الزعبي
15-10-2017 12:45 PM
الخلافات حول قضايا الضريبة التي تحدث بين مناسبة واخرى كما هو حاصل اليوم تعود لخلل هيكلي في النظام الضريبي ناشئ عن التعديلات التي طرأت على قانون الضريبة لحاجات ظرفية . ولم يتسن بعد وضع قانون للضريبة ببعد اصلاحي شامل تبعده عن التعديلات الظرفية . مما ابقى اصلاح النظام الضريبي مطلباً قائماً للحيلولة دون الحاجة للتعديلات المتكررة والظرفية منها بخاصة .
الحاجة والظرفية يعيداننا من جديد اليوم الى تعديلات يحتاجها الاختلال في المالية العامة ، ويعيداننا مجدداً الى الخلافات حول هذه التعديلات . الخلاف حالياً هو حول ما يراه صندوق النقد من انخفاض في نسبة المكلفين بدفع ضريبة الدخل. فهي تقل عن 5% بسبب ارتفاع سقف الاعفاءات الضريبية . ويطالب بناء عليه بخفض سقف الاعفاءات الضريبية المقدمة لهم وهي 12000 دينار للأعزب و 24000 دينار للمتزوج .
رأي الصندوق في ظاهره صحيح الا انه ينظر للأمر من جانب واحد فقط . لان موضوع الضرائب لا يتعلق بضريبة دخل الافراد ونسبة من يدفعونها فقط . وانما يتعلق ايضاً بكامل الوعاء الضريبي الذي يدفع من خلاله المكلفون الافراد ضرائب اخرى ايضاً غير ضريبة الدخل . كما يتعلق كذلك بعدالة توزيع العبء الضريبي الشامل بمجمله. فأصحاب الدخل من الافراد يدفعون ضرائب اخرى غير ضريبة الدخل واولها ضريبة المبيعات وهي عالية وشاملة وغير عادلة لهم كذلك لأنها ليست تصاعدية بحسب ما يأمر به الدستور. كما انهم يدفعون ضريبة الملكية عما يمتلكونه من ممتلكات ، ويدفعون ضريبة الجمارك على المستوردات ، ويدفعون رسوم خدمات للحكومة تفوق تكلفة تلك الخدمات بكثير وهي متعددة وبما يزيد عن 60 نوعاً من الخدمات بحيث يصل ما يدفعه الافراد من كل ما تقدم الى 30% من دخولهم على الاقل .
بمعنى انه من كل دينار يجنيه الفرد من دخله يدفع منه 30 قرشاً على الاقل كضرائب .
وعليه نقول لا بد من اقتران توسيع القاعدة الضريبية – زيادة اعداد المكلفين بضريبة الدخل - من الافراد بالعدالة المطلوبة بل واللازمة بموجب الدستور . نعم لتوسيع القاعدة ولا نختلف عليها ان اقترنت بعدالة توزيع العبء الضريبي .
ولا يجوز ان نشير فقط الى انخفاض نسبة الافراد المكلفين بدفع ضريبة الدخل والتي تمثل اقل من 5% من عدد الافراد اصحاب الدخول ونطالب بتوسيعها استناداً لذلك دون نظرة شاملة لمجمل العبء الضريبي وعدالة توزيعه .
اذا بقي الحال على ما هو عليه ، دون اصلاح النظام الضريبي بمنظور استراتيجي وعلى اساس من العدالة في توزيع العبء الضريبي يأخذ بالاعتبار مجمل ما يدفعه المكلف الفرد من ضرائب بالإضافة الى التصاعدية في التكليف الضريبي فسوف يبقى الاضطراب الضريبي سيد الموقف . وستبقى التعديلات على قانون الضريبة المستندة الى الحاجة الظرفية مصدراً لمزيد من الاختلالات في النظام الضريبي .
نعم للنظر في خفض الاعفاءات على دخول الافراد وزيادة اعداد المكلفين بدفع الضريبة منهم اذا جاء ذلك نتيجة لإصلاح ضريبي شامل . وهو ما يقتضى اعادة النظر في مجمل الضرائب الاخرى التي يدفعها المكلفون الافراد ، وتطبيق التصاعدية في الضرائب المطبقة . بحيث لا يظلم احد لحساب احد ، ولا فئة لحساب فئة في مجمل انواع الضرائب ، ويُعاد النظر في الاعفاءات الضريبية بصورة شمولية أي في ضريبة الدخل وضريبة الارباح على الشركات وضريبة المبيعات.
ولا يسمح بالتهرب الضريبي أو في تحصيل المستحقات الضريبية.