ماذا يريد الرئيس الأميركي؟!
ماهر ابو طير
15-10-2017 12:41 AM
موقف الرئيس الأميركي من الاتفاق النووي الإيراني، موقف غامض، لان الرئيس لم يتخذ موقفا نهائيا، من إيران، وهو يمدد فعليا، الوقت الزمني، المتاح للمناورة والتفاوض مع الإيرانيين.
الرئيس رفض الإقرار بأن إيران ملتزمة بالاتفاق النووي، ويطلب من الكونغرس خلال مدة ستين يوما، النظر في الاتفاق، ويفرض عقوبات محددة، عبر وزارة الخزانة الأميركية، وليس الخارجية الأميركية، والفرق كبير بين الحالتين، على الحرس الثوري الإيراني، الذي يدير 80 بالمئة من الاقتصاد الإيراني، ويتدخل عسكريا في دول عديدة، وهي عقوبات لم تكن شاملة، لكنها مجرد بداية فقط.
معنى الكلام، ان الرئيس الأميركي، لم يغلق الباب في وجه أي مفاوضات، ولو كان الرئيس يريد اغلاق الباب كليا، لاعلن الغاء الاتفاق، او انسحب منه كليا، لكنه لم يفعل ذلك لكن موقفه الجمعة، كان اقل من المتوقع، بما يؤشر على ان واشنطن أيضا، تريد ابتزاز أطراف عديدة، خلال الأسابيع الثمانية المقبلة.
السبب يعود الى امرين، أولهما ادراكه ان هناك أطرافا أخرى وقعّت على الاتفاق، وبالتالي لايمكنه اتخاذ موقف فردي، عبر انسحاب احادي الأجانب، ويريد بالتالي تخفيف حدة الغضب الأوروبي ضده، الذي يؤيد الاتفاق، كما انه يريد ان يدفع الأوروبيين الى مفاوضته للوصول الى حل وسط.
هذا يأتي في الوقت، الذي تستفيد فيه أوروبا، من أموال أيران التي تم الافراج عنها، وهو مايقلق واشنطن، التي تريد أيضا، ان لا تستفيد أوروبا، ماليا، ولوحدها، من نتائج الاتفاق، ورفع العقوبات عن ايران، ولربما يدفع باتجاه اجبار ايران على مفاوضته، ومن اجل ان تستفيد الشركات الأميركية من الكعكعة الإيرانية، بدلا من أوروبا التي تحمي الاتفاق، وتستفيد وحدها ماليا حتى الان.
العامل الثاني يرتبط بما يريده الرئيس من اخضاع الاتفاق النووي للمساومة، من اجل الوصول الى ماهو اهم، أي روح الاتفاق، وهي روح قائمة على تجنب العنف، والتهديد، وصولا الى اجبار ايران، بالتوقف عن انتاج وتطوير الصواريخ البالستية، وهنا مربط الفرس، فالرئيس إضافة الى العامل المالي السابق، الذي يرى فيه، أستفادة أوروبية، بعيدا عن اميركا، يريد اخضاع ايران عبر بوابة الاتفاق النووي، لإجبارها أيضا، على عدم استبدال البرنامج النووي، ببرنامج الصواريخ البالستية، أي ان المقايضة هنا، تتعلق بهذا الجانب حصرا، لمعرفة واشنطن ان طهران أوقفت برنامجها النووي فعليا.
هذه لعبة أميركية جديدة، أي منح العالم، وتحديدا أوروبا، إضافة الى أيران، شهرين، هما مهلة الكونغرس لمراجعة الاتفاق، من اجل تسويات محددة تريدها واشنطن فعليا، أولها وقف برنامج الصواريخ البالستية، والثاني عدم استفادة أوروبا ماليا، لوحدها، من المليارات الإيرانية والمشاريع الجديدة.
إيران تدرك هذه الحقيقة، مثلما أوروبا، تعرف دوافع البيت الأبيض، لكن علينا ان نراقب المشهد خلال الفترة المقبلة، اذ وراء الكم الهائل من الاتصالات، والتصريحات الغاضبة والحادة، من كل الفرقاء، ستكون هناك محاولات لعقد تسوية جديدة، لكنها ستكون تسوية مكلفة جدا، ولن تجد إيران حلا لها، سوى التخلي عن برنامج الصواريخ البالستية، والوصول الى تسوية مالية مع اميركا، بشكل لايجعلها تخسر تحالفاتها الأوروبية ماليا وسياسيا.
كيف سيعبر الإيرانيون، وسط هذه التعقيدات؟ هذا هو السؤال. الأرجح ان ايران ستلعب عبر بوابة أوروبا حصرا، عبر تعظيم منافع أوروبا المالية من الاتفاق، وإظهار إشارات حسن نوايا، تتعلق بنيتها الاستعداد للتفاوض حول الصواريخ البالستية، التي هي المشكلة الفعلية، وليس البرنامج النووي.
الدستور