لو ان اطنان الورق التي تم تسويدها عن ظواهر كالفساد والارهاب والاستبداد القيت في المحيط الاطلسي لتغير لونه كما تغير لون مياه دجلة حين القى هولاكو بالمخطوطات العربية اليه، وكما تغير لون ماء البئر الذي اغرقت فيه مخطوطات الرائد عمر فاخوري في زمن العثمنة والتتريك.
فكيف انقلب الشيء الى ضده واصبحت الضارة نافعة في زمن المعادلات المقلوبة رأسا على عقب، وهل اصبح الارهاب كما الفساد والاستبداد يتغذى من المبيدات اللغوية ؟.
ان ما يبطل العجب في هذا السياق مثال ليس من عالم السياسة والاقتصاد بل من صميم علم الاحياء، فقد اكتشف العلماء الامريكيون ان الذباب لم يعد يموت من مبيد دي. دي. تي بل تأقلم معه وأدمنه واصبح يبحث عنه لأنه يسمن به، لكن ما يموت بسبب هذا المبيد هو طائر الشحرور الذي يتغذى على الذباب الملغوم بهذا المبيد لأنه لم يتلقح به ضد المزيد منه!
وانتقلت عدوى التأقلم مع المبيد الحشري الى نوع من البشر بدأوا يتأقلمون مع الهجاء والمبيدات اللفظية، فالارهاب ينتظر بشغف مثل هذه المبيدات وكذلك الفساد والاستبداد، وذلك على طريقة ابشر بطول سلامة يا مَرْبع !!
وبالمقياس ذاته فإن ما كتب في العالم العربي ضد الصهيونية يكفي لأن يغرق اسرائيل في الحبر وليس في البحر كما توعدتها سلالة الفرزدق ! لهذا استباحت الثعالب كروم العنب كلها بعد ان كشفت سرّ الفزاعات، واصبح الفساد يتغذى على ما يكتب ضده بمعزل عن الفاسدين، تماما كما يتغذى الاستبداد مما يكتب ضده لكن بمعزل عن المُستبدين .
لقد فشلت المبيدات الحشرية في زماننا بقدر ما نجحت المبيدات البشرية !!
الدستور