الأزمات المرورية والحلول الغائبة ،،،
نايف الليمون
14-10-2017 04:09 AM
كثيرة هي الأزمات التي تمر بِنَا او نمر بها ، او التي تجتاحنا او التي نجتاحها والتي تنعكس آثارا سلبية في السلوك او تضيف عنتاً ومشقة في الحياة فوق ما هو موجود وتركمه جميعا على كاهل المواطن الذي يترنح تحت الضربات والصدمات .
وتتفاقم كثير من الأزمات لعدم توافر الإرادة او الدراية او الكفاءة لمواجهة هذه الأزمات والتصدي لها وتفكيك خيوطها وخطوطها ولان الذين ينبغي لهم ان يضطلعوا بالمهمات لا يمثلون مؤسسات ثابتة مؤهلة وكفؤة ولديها رؤية واستراتيجية وأدوات وتخضع للرقابة والتقييم والمحاسبة ؛ وحين تكون المؤسسات وما أكثرها في الوطن فإنها للتنفيع بعيدة عن تحقيق الأهداف واجتراح الحلول وتفتقر الى الكفاءات الحقيقية وتشكل عبئاً على الموازنة وعلى مشاعر الناس وها هي ماثلة للعيان كجزء من اعباء الوطن والمواطن وليست من منظومة الحلول والفائدة .
وان الأزمات والاختناقات المرورية والتي أصبحت مشكلة متنامية بل ومتفاقمة في كثير من المواقع في الوطن ولكن أظهرها في المشهد وأكثرها اثرا وتأثيرا ربما ما تشهده العاصمة عمان حيث يتم استهلاك طاقة الناس وجهدهم ووقتهم وتتضرر المصالح العامة والخاصة وتهدر الأموال بسبب هذه الاختناقات التي لا يبدو انها تشكل أهمية ولا اولوية في الالتفات اليها والتعامل معها بما ينبغي من أدوات او مناهج الحل من قبل المعنيين بهذا الشأن .
ويقتصر الجهد المبذول على محاولات بائسة وغير مجدية في التنظيم والذي يذهب ادراج الرياح امام حجم الأزمة التي تضاعف من متاعب مدننا وخاصة العاصمة وتضيف الى المنفرات منها معولا يرسخ فيها شكلاً من أشكال العذاب وهو المباعدة بين الأسفار ولا نرى عمان الا مما تباعدت أسفارها إذ ان ما يحتاج الى بضع دقائق للانتقال اصبح يحتاج الى ساعات ولله الحمد الذي لا يُحمد على مكروهٍ سواه .
وان مشكلة المرور لا يمكن حصر التعامل معها في بعض الجوانب واهمال جوانب حاسمة ومؤثرة من ادخالها في معادلة الحل لكي نضمن الوصول الى النتائج المتوخاة . وكانت فكرة معهد عمان المروري والذي كان يتبع لأمانة عمان وتم إنهاؤه لخروجه عن سكة الديمومة والنجاح وأصبح شأنه شأن المؤسسات المتعفنة بلا فائدة وآل الى تصفيته وكان ينبغي تصويبه وتزويده بكل انواع الدعم ليقوم بالدراسات وتقديم التوصيات بما يتعلق بالمرور ويضع الخطط المستقبلية القصيرة والبعيدة المدى التي تراعي النمو السكاني والعمراني والصناعي وغير ذلك من العوامل المؤثرة والمتأثرة في تشكيل الكثافات المعيقة للحركة والانتقال .
ولا نجد ان هناك معايير في تخطيط المدن لدينا تراعي حل مشكلة المرور ، لا من حيث سعة الشوارع ولا تنظيم المناطق وتوزيع الدوائر والخدمات وأماكن الحرف والمهن ولا أماكن الوزارات والدوائر الحكومية وأماكن التسوق او الترويح ، ولا حتى محاولة تجميع السفارات في حي يُسمى حي السفارات كما في كثير من العواصم وبحيث يكون على الأطراف من المدينة ويسهل الوصول اليها وتوفير المتطلبات الأمنية ويعود بفائدة اقتصادية على البلد .
وهل آن الاوان لنا ان نفكر مليا بإيجاد شبكة نقل عام نشطة وفاعلة وسهلة وميسورة كجزء مهم ولا غنى عنه لحل مشكلات المرور وبشراكة نزيهة مع القطاع الخاص تجود الخدمة وتحافظ على مستواها ؟!
وهل آن الاوان للتوسع في حدود العاصمة جنوبا باتجاه الاراضي المنبسطة وغير الزراعية ونقل بعض المرافق اليها لفك الأزمة والازدحام القاتل الذي اصبح لا يُطاق ويمكن ان يكون ذلك مشروعا اقتصاديا ذا جدوى لا مجال للتفصيل فيه هنا ؟! .
ولا يمكن إهمال دور اللجان التنظيمية في البلديات وامانة عمان المحلية منها واللوائية ومجلس التنظيم الأعلى وضرورة ان تكون قراراتها تستند الى أسس فنية وعلمية وبنظرة مستقبلية سابرة بعيدا عن كل التأثيرات التي تقدم الخاص على العام وتشوه النظام والتنظيم وتصعب الحياة لمصلحة ان يحقق بعض الانتهازيين والذاتيين والنرجسيين مكاسبهم على حساب الوطن كله . ولعلها اخطاءٌ لا تغتفر وجود المولات والمستشفيات والمحلات الحرفية والصناعية وغير ذلك مما يشابه في خلق الأزمات في مواقع تنظيمية لا ينبغي ولا يصلح ان تتواجد فيها . ولعلها ترقى الى درجة الجريمة تلك المخالفات في منح اذونات الاشغال للمنشآت والمساكن والاسكانات مما يشكل روافد كبيرة للازمة والمشكلة .
ولا شك ان التغاضي عن الدور التثقيفي والتوعوي والإرشادي مترافقا مع تطبيق القانون وبسوية متوازنة وعادلة يشكل ايضا جزءا من المشكلة فكثير من ممارساتنا الاجتماعية تساهم في خلق او تضخيم المشكلة ، فأفراحنا واتراحنا وانفعالاتنا في كثير من الأحيان تزيد الأزمات .
بقي ان نقول ان غياب التطبيقات والانظمة الالكترونية والحضور البائس للبيروقراطية القاتلة هو من الأسباب الرئيسة للفوضى المرورية والخروج الكثيف للناس والمركبات لأداء مهام وانجاز معاملات بات من الضروري ان يتم إنجازها الكترونيا في البيوت او المكاتب او في مكان واحد ونحن بذلك نحقق مكاسب جمة ونتجنب كثيرا من العوائق والخسائر والازمات .