مشروع قانون الجرائم الالكترونية وخطاب الكراهية
د.طلال طلب الشرفات
14-10-2017 04:07 AM
كلام حق يراد به القمع هذا هو مضمون التعديلات التي جاء بها مشروع قانون الجرائم الالكترونية الجديد ، نصوص مغلظة يرافقها عجز من الحكومة عن تحقيق متطلبات الحماية الالكترونية ، وبرلمان يستعد لتحقيق رغبتها تلك، واصلاح لم يعد حاضرا الا في ذهن القيادة والباحثين وبعض المهمشين هنا وهناك، نصوص تعبر عن ذهنية اقصائية وغارقة في براثن القمع وتجاهل حقوق الانسان ، نصوص تعادي خرية التعبير والنشر وتعيد الى الاذهان صورة دول القمع فينا .
خطاب الكراهية ؛ مصطلح رنان يثير ويصنع العداء ويجعل للحكومة بطولة حفظ الامن الوطني والسلم الاجتماعي ، بطولة بلهاء جوفاء اعتدنا عليها ولم تعد مقنعة لذوي الغفلة منا ، وتغليظ لعقوبات لم تعد مجدية في ظل حكومة انهكت الزرع والضرع وكممت الافواه في وطن اضحى المبكى وسنان الوجع .
لم يعد لدينا اعلام ولا اقتصاد ولا ادارة واصبحت التنمية السياسية والاصلاح السياسي مجرد قصائد مغناة وروايات دجل منمقة ، استبدلنا الارادة الوطنية بالضعف والاستكانة ، والشفافية بقلق اغتيال الشخصية ، والمساواة بالغرباء الغريبين والمغتربين عن هويتنا وثقافتنا وآمالنا الوطنية ، قتلوا آمالنا واحلامنا بالنزق والتردد والخوف والاغتراب .
اي خطاب كراهية هذا ! واي انتهازية سياسية للحكومة تلك! أتريدون ان تصادروا حرية الرأي تحت مسميات مفزعة كي ترثوا شرعية القمع ، أتريدون ان تشغلوا المواطن بفلسفة القلق ومنطق الحذر بعيداً عن اصرارهم على الشفافية وسيادة القانون ومكافحة الفساد ، اعلم تماماً فلسفة النص واهدافه ومراميه واعي اكثر سياسة الإلهاء تارة والتخويف تارة اخرى ومحاولات اللهو والتجربة التي اضحت سياسة الحكومة مع مصير هذا الشعب البائس .
المشكلة لم تعد فقط في مشروع هذا القانون بل في كل منظومة التشريعات المسلوقة والمحمصة في اروقة البرلمان والحكومة قبلها ، والخطورة تكمن في تلاشي الكثير من الحقوق الدستورية بنصوص قانونية ، والحكومة كلما وجدت نفسها مكشوفة الاداء تركن الى شرعنة عجزها وفشلها بمزيد من القمع والامتهان والمصادرة .
قد تكون حالة الطوارئ اكثر رحمة بالناس من القمع المقونن والفساد المشرع والسياسات البلهاء التي لم تعد تنطلي على احد ، ومجلس النواب الذي اصبح رائحة فشله في التشريع والرقابة تزكم الانوف ، وبيت الشعب الذي يفترض فيه ان يكون ملاذ الشعب من عبث الحكومة وغيها ما كان كذلك ولا اظنه سيكون والملاذ المتبقي بعد الله هو جلالة الملك بأن يريحنا من هكذا برلمان وتلك الحكومة فلم يعد في الافق فسحة امل .
سيمر هذا المشروع كما مر غيره ، وستسدل الستارة على مسرحية المغامرة بمصير الناس ، وسيستمر مسلسل الالهاء والاقصاء ولكن حتماً لن يموت البطل لأن جذوره تقبع في اعماق التاريخ .