عمون - حولت قطر خلال أعوام إلى لاعب أساسي على الساحة الرياضية العالمية، في خطوات توجت بفوزها باستضافة كأس العالم لكرة القدم 2022، إلا أن شبهات الفساد التي تلاحقها قد تؤدي إلى تقويض "قوتها الناعمة" الرياضية.
أحدث هذه الشبهات -والتي سارع المعنيون إلى نفيها - كانت إعلان مكتب المدعي العام السويسري يوم الخميس 12 أكتوبر الجاري فتح تحقيق بحق القطري ناصر الخليفي، رئيس نادي باريس سان جرمان الفرنسي والرئيس التنفيذي لمجموعة "بي ان"، والأمين العام السابق للاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) الفرنسي جيروم فالك، على خلفية شبهات فساد في منح حقوق بث مباريات المونديال.
ويعد الخليفي أبرز الوجوه الرياضية القطرية في الأعوام الماضية، وقاد صعود "بي ان سبورتس" إلى مصاف أبرز القنوات الرياضية عالميا التي ينظر إليها على أنها إحدى الوسائل التي ساهمت في تعزيز صورة قطر الرياضية وحضورها على الساحة العالمية.
ويرى متخصصون بالشأن الرياضي أن هذه الاتهامات هي الأخيرة ضمن سلسلة طالت الإمارة الخليجية، ودأبت الأخيرة على نفيها.
ويقول الأستاذ المتخصص في مأسسة الرياضة في جامعة سالفورد البريطانية سايمون شادويك "إذا أخذنا هذه الاتهامات على حدة، سيكون سهلا اعتبار أن ما جرى (يوم الخميس) هو عبارة عن ممارسة مشكوك بها في رياضة يطبعها تدفق لا متناه من المخالفات".
ويضيف "لكن هذا ليس حدثا معزولا، ويشكل جزءا من سردية متواصلة حول قطر والفيفا".
ولا يزال الاتحاد الدولي للعبة يعاني من تبعات فضائح فساد ضخمة هزته منذ العام 2015، وصلت إلى حد الإطاحة برئيسه السابق جوزيف بلاتر، وتوقيف عدد من مسوؤليه والتحقيق مع آخرين. كما لم توفر الانتقادات قطر منذ فوزها باستضافة كأس العالم 2022.
المطلوب "حل سريع"
وهي ليست المرة الأولى التي تواجه فيها قطر اتهامات بالفساد على خلفية كرة القدم، إذ واجهت اتهامات بالرشى على خلفية الفوز باستضافة كأس العالم، وهو ما نفته الدوحة باستمرار. كما تعرضت لانتقادات على خلفية حقوق العمالة الأجنبية في ورش المونديال.
ويأتي التحقيق الجديد في خضم أزمة دبلوماسية بين قطر ودول عربية في مقدمها السعودية والإمارات ومصر التي أعلنت في حزيران/يونيو الماضي قطع العلاقات الدبلوماسية مع الدوحة، وأغلقت مجالاتها الجوية أمام الطيران القطري وقطعت الرحلات بينها وبين قطر.
كما أغلقت السعودية منفذها الحدودي مع قطر، وهو المنفذ البري الوحيد للإمارة.
ولم تسلم الرياضة من تبعات هذه الأزمة، إذ شهد هذا الأسبوع مواجهة كلامية بين قطر والإمارات على خلفية مونديال 2022.
فبعد تصريح لوزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش اعتبر فيه انه "لا تستوي الاستضافة مع سجل في دعم التطرف والإرهاب"، رد مكتب الاتصالات في الحكومة القطرية ببيان اعتبر فيه أن الاستضافة أمر "غير قابل للنقاش أو التفاوض"، ومعتبرا أن "طلب دولة الإمارات العربية المتحدة بتخلي دولة قطر عن استضافة كأس العالم يبين أن الحصار غير قانوني وقائم على الغيرة المحضة".
ووجدت شبكة "بي ان سبورتس" نفسها في خضم الأزمة الدبلوماسية، إذ أوقفت دول معنية بالأزمة بث قنواتها لفترة، ورفضت أندية في هذه الدول التعامل مع مراسلي القناة أو التحدث إليهم.
ويرى شادويك أن هناك ترابطا بين كل هذه الأحداث.
ويوضح أن "هذا التطور (التحقيق السويسري) يحصل على خلفية خلاف حاد (...). من هنا، يمكن القول إن التوقيت وطبيعة الاتهامات الموجهة إلى الخليفي يثيران الشكوك".
ويضيف "قد يشك البعض بأن الاتهامات جزء من حرب إعلامية مستمرة يخوضها الخصوم الخليجيون".
وفي الآونة الأخيرة، كان حضور ناصر الخليفي على مسرح الانتقالات بارزا، إذ أبرم فادي سان جرمان الذي يرأسه صفقتين هما الأكبر في تاريخ اللعبة: ضم البرازيلي نيمار من برشلونة الإسباني مقابل 222 مليون يورو، وكيليان مبابي من موناكو في صفقة قدرت قيمتها بنحو 180 مليونا.
ولدى انتقال نيمار، اعتبر محللون أن ضمه يمثل رسالة تحد قطرية في مواجهة محاولة عزلها سياسيا واقتصاديا، وحتى رياضيا.
ولفت في بيان المدعي العام السويسري، ذكر الخليفي بالاسم، على عكس الحال مع رجل الأعمال المتهم بالتورط مع فالك بالتهم نفسها.
ويقول شادويك إن الخلاف المتواصل قد ينعكس سلبا على قطر والرياضة عموما، موضحا إن "صورة وسمعة قطر والمنطقة تعانيان حاليا (...). الخلاف يعزز الأفكار المسبقة التي يحظى بها العديد من الأشخاص في العالم حول دول الخليج".
ويضيف "لذلك، يبدو ملحا أن يتوصل المعنيون إلى حل سريع وتوافقي لأمر يضر بكرة القدم في المنطقة وموقعها في العالم".(مونتي كارلو).