الثوار والطغاة .. يتشابهون
محمد الداودية
14-10-2017 01:55 AM
الثائر لا يقتل على الهوية الطائفية ولا على الهوية الإثنية. الثائرلا يُمثّل بالقتلى (إياكم والمثلة ولو بالكلب العقور) والثائر لا يسبي النساء ولا يفاخذ القاصرات ولا يغتصبهن ولا يتخذ له زوجا بالتهديد. والثائر لا يعدم بلا محاكمة ولا يقطع الرؤوس ولا يحرق الأسرى ولا يطلق الصواريخ على مناطق آهلة بالسكان. ولا يفرض الثائر إتاوات وخاوات على الأحياء التي يحتلها. ولا يجعل من النكرات الأميين أمراء. ولا يكفّر فيعدم من يخالفه الرأي والتفسير والمذهب والديانة. والثائر إنسان شفّاف كريم نبيل، روحه حلوة رحبة حرة مليئة بالحب وغاياته كبرى نبيلة. الثائر لا يقاتل من اجل الغنائم ولا ينتظر راتبا ولا أعطيات.
يوصى أبو بكر الصديق أول خليفة للمسلمين، أميرَ أول بعثة حربية في عهده، أسامة بن زيد فيقول: لا تخونوا ولا تغلوا ولا تغدورا ولا تمثلوا ولا تقتلوا طفلاً صغيرًا ولا شيخًا كبيرًا ولا امرأة ولا تقطعوا نخلاً ولا تحرقوه ولا تقطعوا شجرة مثمرة ولا تذبحوا شاة ولا بقرة ولا بعيرًا إلا لمأكلةٍ وسوف تمرون على قوم فرَّغوا أنفسَهم في الصوامع (يتعبدون) فدعوهم وما فرَّغوا أنفسهم له.
في الحروب الأهلية يبرز أحقر ما في الناس، رغم اليافطات البراقة والشعارات اللامعة والرايات المزركشة. في الحروب الأهلية يتحول البشر إلى وحوش وآكلي قلوب وأكباد وسفاحين، يهدرون أول ما يهدرون الحق في الحياة البشرية ولا حقوق إطلاقا إلا حقوق القاتل.
تعاطف العالم مع «إخواننا» الأكراد ضد وحوش «داعش» وما أن استقوى «إخواننا» الاكراد ضحايا «كوباني- تل العرب» حتى تحولت «قوات حماية الشعب الكردي» إلى سفاحين ووحوش مجرمين، يقارفون جرائم إبادة ضد الإنسانية الآن في «تل ابيض» ويمارسون التطهير العرقي الإجرامي الكريه ضد العرب والتركمان.
وتعاطف كل أحرار العالم وشرفائه مع الايزيديين في محنتهم الرهيبة وما ان تمكّن هؤلاء واستقووا حتى شكلوا قوات وميليشيات انتقامية ضد العرب والمسلمين في مناطقهم.
وتتقدم ميليشيات الحشد الشعبي الطائفية في الانبار فتحرق إخوانهم السّنّة وهم أحياء وترفض حكومة العراق الطائفية إدخال أهل الانبار إلى عاصمتهم بغداد وتتولى الميليشيات الطائفية التنكيل بمن دخل بغداد منهم وخطفهم واغتيالهم.
يطلب الوسطاء الامميون هدنة إنسانية ووقفا لإطلاق النار بين الأشقاء في اليمن فلا يستجيبون حتى رمضان الأكرم شهر الرحمة والحرمات لم يشفع للأهالي الواقعين في مرمى نيران القناصة والمتقاتلين الشرسين.
لا يطيق الناس اشكالكم أيها المتقاتلون ولا راياتكم ولا الناطقين باسمائكم الذين يعلنون الانتصار وتحرير رأس تلة والاستيلاء على حي وحارة ومدينة. يحتقر الناس بنادق القنص في أيديكم التي لا تفرق بين مقاتل ومدني، بين مقاتل وطفل. يحتقرون ويزدرون سكاكينكم واياديكم التي تذبحون بها الناس وانتم تكبّرون في اكبر إساءة في التاريخ للإسلام الرحيم.
يحتقر الناس أسماءكم وسراياكم و فصائلكم وجيوشكم ومرتزقتكم وبراميلكم المتفجرة وأقبية التعذيب التي تدمر الأرواح والأجساد الإنسانية.
نشكوكم الى الله الذي تدعون انكم تنصرون دينه وانتم من ذبح ذات رمضان، الجنود المصريين في سيناء وهم على وشك الإفطار والصلاة.
في الحرب الأهلية العربية- العربية، يبرز احقر ما فيكم فيصبح التعامل مع العدو الصهيوني مباحا والاستشفاء في مستشفياته استعدادا جديدا للجهاد.
يحتقركم الناس ويحتقرون كل من يمولكم ويمد مرجل النيران بالمزيد من الحطب والجثث والدماء والضغائن.
مع مرور الحرب والذبح والقصف، فإن الثوار الذين ثاروا على الطغاة من أجل دولة الحق والعدل والقانون والحريات والدستور سيشبهون الطغاة في طلب امتيازات وفي الاجرام والوحشية والقصف العشوائي وانتهاك الأعراض والحقوق والحريات وتنفيذ الاعدامات الميدانية.
الراي