لن تنجح المصالحة الفلسطينية، بين حركة فتح وحماس، ولن تكون عودة الحكومة الفلسطينية الى غزة، ذات فائدة، مادامت إسرائيل تضع العصي، وتسعى لعرقلة هذه المصالحة، الا إذا كانت هناك اتفاقات سرية، بين فتح وحماس، وإسرائيل مطلة عليها، ولايراد إعلانها عبر الاعلام.
الحكومة الإسرائيلية، طلبت من اجل اعترافها بالمصالحة الفلسطينية، عدة طلبات، كلها ستؤدي الى تخلي حماس عن العمل العسكري، مع تسليم سلاحها، والأسرى الإسرائيليين لديها، والتوقف عن انتاج الصواريخ، والتوقف عن حفر الانفاق، والاعتراف بشروط الرباعية الدولية، التي من بينها الاعتراف بإسرائيل.
هذه الشروط التي تم تمريرها عبر مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية، تعني اننا امام سيناريوهين، الأول ان هناك ترتيبات سرية، لم يتم الإعلان عنها، من اجل إعادة تموضع حركة حماس، وتحولها الى حزب سياسي، وتلبية هذه الطلبات الإسرائيلية، التي تعرفها مسبقا السلطة الوطنية الفلسطينية، ومن المؤكد انها لم تسارع بالمصالحة، لولا وجود ضمانات لديها من حماس، ومن الأطراف الضامنة، بحصول تحولات على مستوى حركة حماس، ستظهر تدريجيا، خلال الفترة المقبلة.
او ان كل هذه الاتفاقات ستكون عرضة للانهيار خلال الفترة المقبلة، وهذا هو السيناريو الثاني، وهو احتمال قليل، لأننا شهدنا قبولا إسرائيليا ضمنيا، لكل هذه الترتيبات المعلنة، ولم تعرقل إسرائيل أي محاولة لوصول رسميين فلسطينيين الى غزة، إضافة الى زيارة الرئيس المتوقعة للقطاع، وهذا يعني ان سيناريو انهيار الاتفاق، وارد، لكنه احتمال قليل جدا، اذ على الاغلب ان الرسميين الفلسطينيين، والدور المصري، لعبا دورا أكبر من الظاهر في صياغة هذه الاتفاقات، وبما يراعي معادلات أخرى.
لماذا اطلق نتنياهو شروطه اذا، وهل يعقل ان تل ابيب ليست على صلة بكل هذه الاتصالات، او الصياغات النهائية لهذه الاتفاقات، وتريد ان تضع شروطها، بشكل متأخر؟!.
على الاغلب ان شروط إسرائيل لم تغب، منذ البداية، لعدة اعتبارات، أبرزها، ان السلطة الوطنية وفتح، من جهة، والجانب المصري، من جهة أخرى، لن يذهبوا الى اتفاق، من اجل نسفه لاحقا، بسبب الاعتراضات الإسرائيلية، وعلى الأرجح، ان هناك مصالحة معلنة، مثلما رأينا، وهناك صفقة سرية، مازالت بعيدة عن العيون، وسنرى نتائجها خلال الفترة المقبلة، وهي صفقة سوف تؤدي على الاغلب الى حدوث تغيرات على مستوى حركة حماس، وعلى الوضع في القطاع، والضفة الغربية، وعلى عموم الوضع الاقليمي، فهي صفقة مدفوعة الثمن، ولايمكن اعتبارها بدون ثمن.
علينا ان نشير الى ان مؤسس حركة حماس، وادبيات حماس المتأخرة، والتي خضعت لتعديلات ، أبدت مرارا قبولها بدولة فلسطينية في حدود 67 فقط، وهذا يعني بشكل مباشر، ماهو اقل من اعتراف بإسرائيل، واعلى درجة، من البقاء في خانة عدم الاعتراف بها، وهذا يقود في المحصلة، الى ان قبول شروط الرباعية الدولية، قد يكون واردا، في حال وجود ترتيبات مؤكدة، لما هو اكبر واشمل واعمق.
الأيام المقبلة فقط، ستكشف، اذا ما كنا امام صفقة سرية، تعيد انتاج حماس، او اننا امام مصالحة هشة، سوف تنهار سريعا لاعتبارات كثيرة.
علينا أن ننتظر.
الدستور