صدرت دعوة ملكية صريحة وقوية لوضع برنامج يكون وطنياً بامتياز، لتحقيق هدفين على الأقل: الأول اقتصادي وهو رفع معدل النمو الاقتصادي، والثاني اجتماعي هو حماية الفقراء والطبقة الوسطى.
لم يقل أحد أن أي خطة أو برنامج آخر محدد الاهداف جاء ليحل محل برنامج الإصلاح الاقتصادي المتفق عليه بين الحكومة وصندوق النقد الدولي.
هنا يأتي دور التداخل او التكامل بين البرنامج الوطني البحت، والبرنامج الوطني والدولي مع الصندوق الذي يحاول إصلاح هيكلية الاقتصاد الأردني والسيطرة على عجز الموازنة والمديونية ورفع نسبة النمو.
في مناسبة سابقة وصف رئيس الحكومة برنامج الإصلاح الاقتصادي المعمول به بأنه وطني بامتياز، وهذا صحيح جزئياً من حيث أن الصندوق لا يفرض شيئاً على الحكومة، وبالتالي فإن كل ما في البرنامج إما أن تكون الحكومة مصدره المباشر أو أنه مقبول وموافق عليه من طرف الحكومة.
نحن أمام برنامجين وطنيين واحد اقتصادي ومالي والثاني اجتماعي وإنساني، وبالتالي يمكن أن يسير البرنامجان يداً بيد فما يحققه أحدهما ينسجم مع أهداف الثاني.
البرنامج الوطني الذي قصده جلالة الملك برنامج أردني يضعه أردنيون لصالح المواطنين الأردنيين، أما برنامج الصندوق فهو نتيجة مباحثات وحوار ينتهي في العادة في منتصف الطريق. وليس موجهاً إلى الأردنيين فقط، بل للعالم الخارجي وخاصة الدول المانحة والدائنة.
وبشكل خاص صدور شهادة من الصندوق بأن الأردن يسير على الطريق الصحيح، وأن جميع العيوب التي يعاني منها إما تم حلها أو في طريقها للحل، وبالتالي فإنه يستحق الدعم ولا تذهب الأموال والمنح دون نتائج إيجابية ملموسة.
طبعاً العقدة الراهنة لا تدور حول مدى وطنية هذا البرنامج أو ذاك بل على التعديلات المقترحة لقانون ضريبة الدخل حيث سوف تتحمل الطبقة الوسطى أكبر الأعباء المالية لأن طبقة الفقراء معفاة حكماً ولا تدفع ضريبة دخل، وطبقة الأغنياء تستمد معظم دخلها من أرباح الشركات والبنوك والأرباح الرأسمالية وكلها معفاة.
الطبقة الوسطى ليست من جنس واحد، ففيها محدودو الدخل وفيها القادرون على الدفع وهي المناط بها تحمل العبء الأكبر إذا نجح تعديل القانون بحيث تتسع قاعدة التكليف وترتفع الحصيلة.
الراي