أردوغان الفاتح .. وموسى الفاضح
سامح المحاريق
31-01-2009 12:12 AM
تجنبت الكتابة عن أحداث غزة لأنها وضعت الجميع في خانة أضعف الإيمان تجنبا على الأقل لصمت الشياطين، ولأن الكلمات وحدها لم تكن في النهاية سوى كلمات، ولذلك قررت في أكثر من مرة أن أعيش في صمتي وأن أتابع ما يكتبه الزملاء الأعزاء في كل المنابر الإعلامية وأن أقف في حالة رثاء مفتوح لمن يموتون بالفعل، بينما تسقط الشرعية الفلسطينية وتنكشف عورة التهافت على فتات الثورة التي كانت، بين الرئيس الذي بدا منسجما مع فكرة تفويت استحقاق الشرعية وأنقذته الدبابات الإسرائيلية في اللحظات الأخيرة لتبقيه في أسير سيارته الرسمية والغوغاء الذين انطلقوا في فاصل الردح على منصاتهم الإعلامية، وبين حماس التي قررت أن تدفع الثمن الباهظ للسلطة وللخروج من حالة الحصار.
تجنبت ذلك كله ولكن أعود إلى الكتابة قريبا من ردة فعل رئيس الوزراء التركي الذي عاد لبلاده فاتحا للمرة الثانية في سنين معدودة، ففي المرة الأولى انتزع الاعتراف الأوروبي بأحقية تركيا في التواجد في الاتحاد الأوروبي، والمرة الثانية عندما تمسك بالاعتداد التاريخي لسلالة الرجال السلاجقة الذين ما زالوا يحملون الرعب إلى الأوروبيين بعد أن قهرهم شتاء عواصم الشمال قبل قرون، وأقارنه للأسف بأمين جامعة الدول العربية عمرو موسى الذي بقي صاغرا ومذلا ومهانا ولم ينسحب لا على سبيل الاحتجاج أو التضامن أو حتى أضعف الإيمان من جلسة دافوس العاصفة.
السيد ميتشل ألغى زيارته لتركيا تحت تبرير الأسباب اللوجستية لأجل غير مسمى، وبدأ الحديث الأوروبي عن شق تركيا لعصا الطاعة، ويمكن أن تبدأ المضايقات الأمريكية من جديد خاصة وأن الحسابات التركية - الأمريكية شهدت الكثير من الاضطراب منذ سقوط بغداد، وأمامنا هذه المرة فقط وعلى ثقل التركة التاريخية بيننا وبين الأتراك أن نقف معهم، لأن تصرفنا في خانة أضعف الإيمان ليس سوى خيانة مفتوحة لشعب وقف بجانب غزة وبجانبنا كلنا حتى أخجلنا من التاريخ.
لا نريد أصناما جديدة فقد صنعنا كثيرا منها في السنوات الأخيرة، ولكن نريد أن نتخذ مواقفنا ولو لمرة واحدة بناء على مصالحنا وقناعاتنا، وكان أولى بالسيد موسى أن تتحرك شعرة من رأسه وأن يأخذ المبادرة بشجاعة بدلا من أن يختار شطب تاريخه وجانبا كبيرا من تاريخنا دفعة واحدة وفي موقف واحد.