حرب 73: ولا زلنا في مرحلة رد الفعل وننفق على غير ما هو ضروري
د.بكر خازر المجالي
10-10-2017 01:10 PM
لا نلوم ابدا من يتحدث على هواه عن تاريخنا، ولا نلوم من ينكر ويجحد تضحياتنا ويغفل دور قيادتنا وجيشنا العربي ، لا نلوم احدا طالما نحن نفسح المجال لمن هب ودب ليتحدث عن تاريخنا، وطالما نحن المهملون والمقصرون اولا في تناول مفاصل التاريخ وخدمة هويتنا الوطنية وتعظيم الشهداء وادوار القادة.
تمضي المناسبات بلا ذكر ونخترع مناسبات لا معنى لها ننفق عليها الملايين ، وحين يذكرنا احدهم بشر في عقر دارنا نبدأ بالحديث والهجوم والرد ولكن دون ان نسأل انفسنا ماذا قدمنا ؟ وفي الاصل ما هي سياسة خدمة الهوية الوطنية وتوثيق التاريخ وما هي سياسة الاعلام الفاعل في البقاء دوما في ساحة المعرفة ومواصلة تناول قضايانا وتاريخنا .
لا يمكن توجيه اللوم لاحد وهو يتحدث عنا بالكيفية التي يريد هو طالما انه لا توجد لدينا قاعدة معرفية ومعلوماتية ولا ندافع باستمرار عن هذا التاريخ الذي اصبح تناوله مزاجيا ،بل حتى بيننا ما يتعمد اغفال دور اشخاص بعينهم وابراز ادوار لآخرين لا علاقة لهم او ان دورهم كان ثانويا ، وهذه الشخصنة هي سيدة الموقف وتشوب تاريخنا وتوثيقنا ، ويعززها مسؤولون من طراز رفيع ..
نرى اننا نبالغ في توجيه اللوم لشخص تحدث من وجهة نظره ونظرة بلاده استنادا لما هو موجود ومتداول من معلومات لديهم ، ولا نتناول من دعاه ونظم اللقاء بشيء ،ولا نسأل لماذا خلت المنصة من اردنيين قاتلوا وشاركوا في المعركة ليتحدثوا ويكون الرد فوريا ؟؟ هل كان الامر مقصودا ؟ وهناك من يتآمر منا علينا ؟
لا اعتقد ان جهدا رسميا واحدا قد تناول ذكريات الحرب في فلسطين 48 و56 وحزيران ورمضان 73 باستثناء الكرامة 68 في ذكرى سنوية باحتفال رسمي .. وكل ما يتم هو جهود مؤسسات مجتمع مدني تتصرف وتنفذ باقل الدعم والانفاق ما تيسر من احتفال خطابي وتكريمي ، ولا انكر ابدا ان القوات المسلحة الاردنية بدأت بجهد توثيقي مميز شمل الثورة العربية الكبرى ومعركة الكرامة وقواتنا في عمليات حفظ السلام وعن سجل الشهداء الخالدين ثم توقف قبل اقل من سنة .
واذا ما اردتم ان تتعرفوا على ما يكتب الاخرون عن تاريخنا فتفضلوا بزيارة معرض عمان للكتاب وتصفحوا كتب التاريخ حتى في عدد من دور النشر الاردنية لتجدوا ما هو اسوأ من كلام قيل على منصة في محاضرة عابرة عن دورنا في حرب 73 ،كمثال بسيط تصفحت كتابا عن حرب اقليم ظفار في سلطنة عمان في السبعينات والتي قاتل فيها جيشنا الاردني وقدم عددا من الشهداء ، ولم اجد اثرا لذكر عمليات الجيش الاردني خاصة الهندسية في فتح الطرق ، ولا تضحياته الا ذكرا عابرا في ثلاثة سطور فقط . وقرأت في كتاب عن حرب فلسطين 48 وما ورد هو محاكمة لدور جيشنا وقيادتنا وعبارة عن لائحة اتهام بحقنا ..
نحن بحاجة لمحاكة انفسنا اولا بشفافية ، ونسأل عن جهودنا الرسمية وغير الرسمية في مجال بناء منظومة عملية تعني في رواية وتقديم تاريخنا السياسي والعسكري بعدا عن الشخصنة والتغييب والاقصاء والمصالح الشخصية والخوف من الاخر والاقتصاص من الخر ،وعن الفردية عند البعض التي لا تقبل احدا في مجالها غير نفسها .
حرب 73 تمضي كذكرى فقط وليست كتاريخ كتبه الشهداء الاردنيون ببطولات فريدة وبعمليات عسكرية نوعية وفي معركتين شرستين يومي 13 و17 تشرين الاول تفوقوا على عدوهم فيها ...
والتحية لجيشنا الباسل والتحية لكل الشهداء الابرار.
ويبقى السؤال الى متى سنبقى في مرحة رد الفعل وننتظر من الآخر ان يهاجمنا ثم نبدأ بالرد ..