تركيا "الموقف" .. وأمة لا تجيد إلا "اللطم"
30-01-2009 09:32 PM
في منتدى دافوس العالمي، الذي تجتمع فيه نخب العالم من سياسيين وإقتصاديين، أصر رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أن يفضح جريمة إسرائيل على غزة وبوجود سياسيي إسرائيل، ولم يتوانى عن خرق "بروتوكول" هذا المحفل العالمي ليأخذ الكلام عنوة بعدما حاول الصحفي الأميركي الذي يدير الحوار منعه من الكلام، وأصر أن يكشف لـ "المصفقين" لبيريز عما إقترفته يد بيريز وقادة الحرب في إسرائيل بحق الأبرياء في القطاع على مدى 23 يوما من القصف الجوي والبري والبحري، والأهم، أنه إنحسب من الجلسة النقاشية التي كانت تدور حول ما جرى في غزة تاركا، جاره" بيريز وعلى وجهه علامات الخيبة لأنه لم يتوقع من أحد أن "يقسو" عليه بهذه القسوة حتى ممن كان يجاوره على الطرف الآخر أمين عام الجامعة العربية عمرو موسى الذي تقول الأخبار بأنه إكتفى بعدم "النظر" الى بيريز ليس أكثر.
في خضم العدوان على غزة، حملت أنقرة القضية وطافت فيها العالم، ولعبت الدور الأهم في الدفاع عن الفلسطينيين، وإن لم تقطع علاقتها بإسرائيل، لكن أحدا لا ينكر الدور التركي الذي تقدم على كثير من الأدوار العربية، وحتى إن قلنا أن أنقرة أرادت أن توصل رسالة الى الإتحاد الأوروبي حول ثقلها الهام في الشرق الأوسط والذي، أي الثقل، يمكن أن يعبد الطريق امامها لدخول الإتحاد الذي ما زال يوصد أبوابه في وجهها ويغلط الشروط عليها، وحتى إن قلنا عن علاقتها الإستراتيجية مع إسرائيل سواء في مجال إستيراد السلاح، حيث تعتبر تركيا من أهم مستوردي السلاح الإسرائيلي، وحتى إن تحدثنا عن القواعد العسكرية الأميركية فيها والتي يمكن أن تستخدمها واشنطن في أي أعمال عسركية في المنطقة، لكن كل ذلك لا يمكن أن يخفي حقيقة الإعجاب العربي والإسلامي بالدور التركي القوي إبان العدوان الإسرائيلي على غزة، والذي شعر معه كل عربي بأن في "ظهر" العرب قوة يمكن أن تقلب كل الموازين إذا ما تدخلت لصالح القضايا العربية.
تركيا علمتنا مرة أخرى كيف يمكن أن يكون الموقف موصول ليقدم في أي مكان كان، وعلمتنا كيف يمكن أن نخاطب العالم مرة أخرى لنوصل رسالتنا في وقت يحاول فيه كثيرون تغييب مواقفنا، فالعدوان لم ينته بعد حتى نتحدث الآن ومن باب "الرفاهية" عن إعادة إعمار وعن ملايين كيف يمكن أن تصرف ومن هي الجهة التي يجب أن تتولاها، وإذا ما أخذتها حماس هل ستذهب في "ميزانية" السلاح، وإذا ما أخذتها فتح، هل سنرى أبراجا أخرى تشيد في رام الله أو في غيرها، حتى في عواصم عربية وعالمية لشخصيات فلسطينية نافذة في السلطة، أو غيرها من الحكايات التي باتت محور مجالسنا وصالوناتنا السياسية منها وحتى صالونات "الحلاقة" في حين ما زالت هناك أمهات تئن وأطفال ومشردين ومرضى وجرحى ومعاقين ومفقودين وشهداء مدمولين تحت الخراب الذي حاق بغزة كلها، وما زالت مدافع إسرائيل ورشاشاتها تهدد كل ما يتحرك على أرض غزة، وما زالت حرب أخرى غير بعيدة الإحتمال.
هل حقا كنا "نستجدي" إسرائيل لتوقف إطلاق النار فقط، وكنا نتهيأ لضخ الأموال لنعيد ما دمرته و "نعوض" على من قتل لهم ابناء ليس إلا، هل أصبحنا امة "مقاولين" عند إسرائيل لتهدم هي ونبني نحن، وهل أصبحنا مجرد "جمعيات خيرية" نجمع الأموال في "القمم" لنعوض على الأرامل واليتامى والمساكين، وهل تحولت دولنا الى ملاجئ للعجزة ولضحايا الإعتداءات الإسرائيلية بعد أن أجدنا تماما دورنا كمستشفيات متنقلة وقمنا بدور الصليب والهلال الأحمرين، وأجدنا كيف نلطم ونذرف الدموع، وأحيانا، نشجب ونستنكر؟؟!!!
يا لنا من أمة!!!
Nashat2000@hotmail.com