يحسد بعض الناس الموتى في أم قيس لأن المقبرة أو " المجنة " كما يريد الأهالي أن ينادونها مشرفة على مرتفعات الجولان و بحيرة طبريا و القعدة فيها " بترد الروح " كما يقول البعض ، غير أن الموتى قانعون بما أتاهم الله من فضله و لا يريدون أن ترتد إليهم أرواحهم حتى لا يروا القرف الذي يعيشه الأحياء و مافيات اخر زمن التي باتت جزءا من الحياة اليومية ، و الأوضاع الاقتصادية المتردية التي يعيشها الأردنيون الأموات و لو كانوا يتنفسون ، و رغم كل هذا الموقع الجميل للمجنة إلا أن الموتى يديرون أقفيتهم للغرب لأن فيه إسرائيل و الناس لا يحبون اليهود في أم قيس و لا يطيقونهم منذ أيام صايل أبو الرشاش الخمس ميه الذي كان يمطر الطائرات الإسرائيلية المغيرة على أم قيس بينما النساء ينقلن الذخيرة من التبابين للجيش و بينما قايد اللواء يتراكض بين الجنود بالفوتيك ، سقى الله تلك الأيام ما أعظمها و يلعن أبو السلام المهين و المذل اللي بنطخو فيه الأردنيين على أيدي أعضاء السفارة الإسرائيلية في عمان و يغادرون لإكمال العشاء في تل أبيب.
المهم معالي وزير الأوقاف حينما تقوم وزارة الأوقاف بتضمين قطعة أرض محاذية للمقبرة و هي مخصصة شفهيا منذ ثلاثين عاما للمقبرة و المكيساوية يثقون بالدولة و يعتبرون الكلمة عقدا مكتوبا ، حينما تقوم الوزارة بتضمين هذه القطعة لمستثمرة لا نذكر اسمها لأن كل شيء ممنوع عندنا ، ممنوع الحديث عن أي خطأ لأن ذلك قد يعكر صفو العلاقات مع الدول الصديقة أو الشقيقة أو يعكر مزاج بعض الفاسدين أو يمكن أن يكون اغتيالا للشخصية و كل شيء ممنوع إلا انتهاك حرمة الشعب الأردني أمواتا و أحياء مسموح لأن الأردنيين لا بواكي لهم ، و لأنهم باتوا كالهنود الحمر في أمريكا و سوف أقدم طلبا لتسجيل جمعية صداقة بين الشعب الأردني و الهنود الحمر لأن الحال من بعضه.
هل معقول أن تضمن وزارة الأوقاف ، وزارة الدين وزارة لا إله إلا الله محمد رسول الله قطعة أرض لمستثمرة تريد أن تقيم عليها متنزها و القطعة محاذية تماما للمقبرة و القطعة مشتراه للمقبرة و القطعة لا تصلح لمتنزه و موسيقى ، هل يريدنا وزير الأوقاف أن ندفن الموتى على أنغام الموسيقى و صوت جورج وسوف أو ملحم كرم هل يجب على الموتى أن يسهروا على قرقعة الكؤوس و الصحون حتى الثانية ليلا بينما الناس يتمايلون طربا و مرحا ، هل ذلك أمر يمكن ادراجه تحت مسمى الذوق العام إن لم نكن نريد أن نتحدث عن التقى و احترام الموتى ، هل هكذا تورد الإبل يا وزير.
لم نكن نريد أن نتحدث عن وزارة الأوقاف أو وزير الأوقاف لأننا تحدثنا كثيرا عنه و كثير من الكتاب تحدثوا عنه غير انه يبدو غير مكترث بأي شيء مما يقال و يأخذ بالمثل القائل قولوا ما شئتم و أفعل ما أشاء ، و هذه هي سياسات الحكومات المتعاقبة كلها ، غير أن قرار الوزارة قد يثير فتنة كبيرة و يتسبب بقلاقل و إثارة للفوضى و تحد لأهالي أم قيس الذين لا يرغبون في أن لا يجدوا مكانا لدفن موتاهم و لا يريدون أن يكون هناك متنزها على مشارف القبور لأن حرمة المقابر كبيرة عند المسلمين يا وزير الأوقاف .
الناس هم الأردن يا معالي الوزير ، و الناس هم المكون الأهم و الأكبر و الأكثر قداسة للوطن يا معالي الوزير ، و دشروا الناس بحالهم ، لقد فاض بهم الكيل و الناس غاضبة و أنا أضع الموقف أمامك و أمام الحكومة حتى لا تقولوا لم يخبرنا أحد ، أنا أخبركم أن هذا القرار خاطئ و يغضب الناس و قلوبها ممتلئة على الحكومة و كأن الوزير يريد أن يحرض الناس على الفوضى و الثورة بينما الدولة مش ناقصها أبدا يا معالي الوزير.