أين البديل عن هكذا قرارات صعبة؟
ماهر ابو طير
10-10-2017 01:23 AM
من الواضح تماما ان هناك تهيئة لقرارات اقتصادية صعبة، بدأت بالحديث أولا عن ضريبة الدخل وفرضها على فئات جديدة، ثم الضرائب على ايجارات الشقق والعقارات التجارية، وصولا الى التلميحات إلى ضرائب على سلع غذائية أساسية، والقرارات النهائية، لم تحدد حتى الان.
الجهات الاقتصادية الرسمية، تقول ان هناك مشكلة كبيرة، من حيث العجز في الموازنة، ومن حيث حاجة الخزينة الى مزيد من المال، اما الجهات السياسية الرسمية، فتقول ان لامساعدات جديدة متوقعة من واشنطن – حتى الأن- ولا من العالم العربي، وبالتالي لاحل سوى الاعتماد على الداخل الأردني، وهذه رسالة واضحة، تكررت مرارا خلال الشهور الفائتة.
القرارات الاقتصادية الصعبة المحتملة التي تتم دراستها، تشمل سعر الخبز، عبر إزالة الدعم عن سعره، وتعويض الأردنيين نقدا، وهذا سيناريو كان مطروحا دوما، وبحيث لايتضرر الأردني من فروقات السعر، عبر دفع الفروقات نقدا للمواطن الأردني، وبحيث يكون الدعم للارني، وليس للسلعة.
لم يتم اتخاذ أي قرار حتى الان، لكن نلاحظ ان هناك تركيزا كبيرا، على امرين، أولهما ان هذه القرارات لامفر منها، خلال الفترة المقبلة، والامر الثاني، ان أربعة ملايين مقيم، من جنسيات مختلفة، بمن فيهم الاشقاء من سوريا، يستفيدون من دعم السلع، ولابد من تغيير المعادلة بحيث يتم دعم الأردني، وليس السلعة، عبر تحرير السعر، وتعويض الاردنيين وترك السلعة بسعرها المفترض لغير الأردني.
في كل الحالات أيا كانت القرارات التي سيتم اتخاذها، وشكلها ومضمونها، فهي ستؤثر بشدة على حياة الناس، لاعتبارات كثيرة، أبرزها ان الموجات الارتدادية بعد كل قرار اقتصادي، اكبر بكثير، من القرار ذاته، وهذا يعني اننا سوف نشهد ارتفاعا كبيرا في الأسعار، من جانب كل القطاعات في محاولة لتعويض الفروقات التي استجدت، على العاملين في هذه القطاعات، او أصحاب المصالح الصغيرة والمتوسطة والكبيرة، وهذه حالة، تعد بحد ذاتها، مشكلة كبيرة جدا.
كما ان التجارب السابقة، اثبتت ان مبدأ التعويض النقدي، لايستمر طويلا، اذ في حالات سابقة، تم تعويض المواطنين نقدا، بطرق متعبة، واصطفاف على طوابير، لغياب أي ذاكرة معلوماتية لدى الدولة، حول أسماء المواطنين ودخولهم، باستثناء العاملين في القطاع العام، ومن يخضعون للتقاعد، او للضمان الاجتماعي، اما الأغلبية، فبياناتها غير مخزنة، إضافة الى ان تجربة التعويض النقدي، تجربة تخضع للتشكيك، كونها لم تستمر في حالات سابقة، وكانت مؤقتة.
وفقا لطبيعة القرارات الاقتصادية، فأن تغيرات كبيرة مقبلة على الطريق.هذه هي الخلاصة. وغير ذلك مجرد تفاصيل، سواء الحديث عن ضرائب جديدة على الدخل او السلع الغذائية او الإيجارات، او تحرير بعض السلع ودفع بدل نقدي.
مواصلة الحديث عما يتسبب به ضغط اللجوء، امر قد لايكون لازما، لان الرأي العام هنا، يوجه اللوم في الأساس، الى الجهات الرسمية، لفتحها الأبواب على مصراعيها، لهكذا موجات، يراد لاحقا، اعتبارها سببا في قرارات اقتصادية صعبة.
في كل الحالات، فان التعبيرات الغاضبة سياسيا واعلاميا واقتصاديا، لن تغير من الواقع شيئا، وهذا استخلاص مؤسف، فنحن امام وضع اقتصادي صعب للغاية، وقد تعبنا جميعا، ونحن نحاول اقناع الجهات المختصة خلال السنين الفائتة، على تجنب أي إجراءات تتسبب باثار صعبة على المواطن، فلم يقف أحد، عند كل التحذيرات، ولا كلفتها الاجتماعية على الجميع.
يبقى السؤال موجها الى من يهمه الامر، عما يمكن فعله، لتجنب هذه الإجراءات، بدلا من اعتبارها الخيار الاسهل، اذ ان خيار جباية المزيد من المال، خيار غير مقبول شعبيا، ومؤلم في الوقت ذاته، هذا فوق ان الناس، لم يعد لديهم قدرة على الاحتمال.
الدستور