آن أوانُ الحكي مع إيران ؟!
محمد الداودية
10-10-2017 01:08 AM
زارني السفير الايراني في وزارة الشباب في نيسان 1997 مهنئا، وعارضا التعاون في قطاع الرياضة والشباب «بين الإخوة الاردنيين والايرانيين، الذين يجمعهم الإسلام والهدف والمصير المشترك». قال إن ديار الإسلام تتعرض لهجمات متلاحقة من قوى الاستكبار والظلم والغطرسة وان علينا ان نتكاتف ونتحد امام ما يهددنا، وأي تحضير واستعداد أهم من تحضير الشباب تحضيرا عقائديا متينا لمواجهة تلك التحديات.
وعرض ان نبدأ في تبادل الوفود الشبابية.
قلت له: إن الاهداف التي تذكرها ممتازة. لكنني لن اخفي عليك أنني اشك في ان تنفيذ التبادل الشبابي سيحقق النتائج التي نتوخاها. وقلت له: يا سعادة السفير ان الشعب الإيراني شعب عريق ذو اسهامات متميزة في حضارة العالم. ونحن نحرص على تفاعل شبابنا مع شبابكم. لكن الذي سيحدث هو انكم سترسلون لنا عشرة شباب من وزارة الاستخبارات والأمن القومي، بهدف «تصدير المذهب». وسنرد لكم الهدية بأفصح منها، وسنرسل لكم شبابا نبهاء من مخابراتنا.
مرت عشرون سنة على ذلك الحديث الصريح المفتوح مع السفير الايراني، ولم يتغير شيء، سوى انه تأكد للعالم اجمع ان القضية الكبرى التي تعمل ايران على تحقيقها بالمال والسلاح والدماء، هي توسيع مناطق النفوذ وخلق مجالات حيوية جديدة عبر استغلال وتوظيف المذهب الشيعي ك»حصان طروادة».
وقد حدثني السفير الإيراني في جاكرتا عام 2011 انهم تمكنوا من تشييع 10 ملايين اندونيسي سنّي والاخبار الواردة من نيجيريا، تشير الى حملة تشييع إيرانية في أوساط سنتها !!
لقد حققت ايران تقدما سريعا ومكاسب استراتيجية مهمة على طريق تصدير الثورة والمذهب، اذ صرح العميد باقر زادة: «ان حدود ايران تمتد الى صنعاء» واعتبرت القيادة الإيرانية «ان انتصار الحوثيين هو انتصار تاريخي للثورة الإيرانية». ومثل هذا التفكير المذهبي الإيراني التوسعي وهذا السلوك الإرهابي ضد السّنة، سيفرخ المزيد من التنظيمات الدموية الإرهابية السّنية، وسيزيد من اتساع الحاضنة السّنية الداعمة لها وسيوفر لها بيئة نمو خصبة.
والشيء بالشيء يذكر، ففور ان قدمت أوراق اعتمادي سفيرا غير مقيم لدى جمهورية سنغافورة عام 2008 الى رئيس الجمهورية «سيلابان راما ناتان» ابلغني رئيس التشريفات السنغافوري ان فخامة الرئيس يريد موعدا معي؟! لم أُخفِ دهشتي، فخامة الرئيس يريد موعدا معي!! عاجلني الرجل قائلا ربما ان وقتك لا يسمح بلقاء فخامة الرئيس بعد استكمال مراسم تقديم أوراق اعتماد جميع السفراء، اذا كان الوضع كذلك، فدعنا نضرب موعدا اخر في يوم قريب اخر.
اعتذر عن الموعد المباغت وقال بود الهنود ودماثتهم انه معجب بالأردن وبالملك عبد الله، ويأمل ان تحذو الأردن حذو سنغافورة فتكون بلدكم سنغافورة الشرق. واردف ان الملك يعرف ان كل خبراتنا الثمينة في سنغافورة تحت تصرف الاردن.
وقال الرجل الطاعن في العمر -مولود في سنغافورة عام 1924- الغارق في السمرة والتواضع وابتسامته تعلو محياه: طلبت ان القاك سعادة السفير لأسألك سؤالا واحدا لا غير، ما هي حكاية الشيعة والسنّة في المنطقة؟ وعلام هذا الاشتباك ؟! قلت في نفسي لماذا يهتم هذا الرجل الهندوسي بقضايا العالم الإسلامي ومشكلاته ومذاهبه.
قلت يا فخامة الرئيس ها انذا وقد ابيضّ شعر رأسي، لم المس الا مؤخرا ما يثير اهتمامك واهتمام العالم اليوم ومجددا. واردفت ان تطفو ظاهرة «السنّة والشيعة» على ماء الخليج ونفطه اليوم، فتلك ابرز الدلالات على تسخير الدين للسياسة وتوظيف الدين والمذهب لخدمة أغراض منحطة خبيثة. واشرت الى اننا نصدر عن محبة واحدة لآل البيت.
لقد أكدت رسالة عمان «أنّ كل من يتّبع أحد المذاهب الأربعة من أهل السنّة والجماعة: الحنفي، والمالكي، والشافعي، والحنبلي. وكذلك المذهب الجعفري والمذهب الزيدي والمذهب الإباضي والمذهب الظاهري، فهو مسلم لا يجوز تكفيره. ويحرم دمه وعرضه وماله. وأيضاً ووفقاً لما جاء في فتوى فضيلة شيخ الأزهر، لا يجوز تكفير أصحاب العقيدة الأشعريّة، ومن يمارس التصوّف الحقيقي. وكذلك لا يجوز تكفير أصحاب الفكر السلفي الصحيح».
نحن وايران بلدان جاران مقيمان لا يرحلان.
نتمنى لإيران ان تحقق التقدم والرفاه لشعبها الصديق العظيم.
نعتز ان ايران في المركز السابع عشر علميا.
نحن مع حق الشعوب كافة في الاستخدامات السلمية للطاقة النووية.
ليس للعرب اي اطماع في ايران. ونحن مع الاحترام المتبادل وتحريم وتجريم ومقاومة التدخل، من أي دولة في شؤون الدول الأخرى.
اليوم، واقليمنا يتأهب لدخول عهد التنمية الكبرى، الذي سيلي سنوات الإرهاب والخراب، لا بد ان تعيد دول العالم، وأولها مملكتنا العزيزة، تقييم «مصلحة النظام» في العلاقات الإقليمية والدولية، الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية والثقافية، لجهة تفادي ما من شأنه جر الطاقات والأموال والبشر، الى الصراعات والحروب والى الموت واخراب ونزف الانفاق الامني والعسكري.
لقد آن أوان الحكي مع إيران.
الدستور