يعد الرئيس الفنزولي هوغو تشافيز احد ابرز القادة الذين جعلوا ظاهرة التحول الى اليسار في امريكا اللاتينية حقيقة واقعة.. واكثرهم امتلاكا للشخصية القيادية الكارزمية التي تمتلك القدرة على جذب الجماهير في الدول الاخرى اليها بحماس.. وتؤثر فيها تأثيرا عميقا .. يتبعه عادة انتخابات يفوز فيها اليسار فوزا كاسحا . لقد شكل هذا الرجل قصة نجاح استراتيجية معادية للولايات المتحدة الامريكية في الحديقة الخلفية المباشرة لها، مستفيدا من قوة الدولة الفنزولية وضخامة الثروة النفطية الهائلة فيها حيث تمتلك خامس اكبر مخزون للنفط في العالم اضافة بالطبع الى المستوى الرفيع من الارادة السياسية التي يمتلكها هوغو.

لقد اطلق الرئيس تشافيز العنان لثورة يسارية حقيقية امتدت الى معظم الدول الرئيسية في امريكا اللاتينية خالقا بذلك مشكلة مأساوية للنفوذ الامريكي في هذه القارة الغنية جدا بمواردها الطبيعية ذات الابعاد الاستراتيجية في عالم اليوم.

فمن هو هذا الرجل ؟ وكيف قيض له امتلاك كل تلك القوة .. التي تعتبر القوة الوحيدة القادرة على خوض صراع حقيقي مع القوة الكبرى الوحيدة في العالم ؟

ولد هوغو عام 1954 ليكون الطفل الاول لوالده معلم المدرسة ورب اسرة بسيطة لكنها مشبعة بالوطنية والانحياز للفقراء والمعذبين في فنزويلا والعالم، لذلك امتلأت جوانح هوغو بحب الفقراء وكراهية عميقة للظلم وميل عاطفي للشعوب الافريقية والعربية التي تعاني الظلم. حصل على بكالوريوس الهندسة من الاكاديمية العسكرية في كاراكاس عام .1975 لديه ثلاث بنات وولدان ويعتبر لاعب بيسبول على درجه عالية من الاحتراف.

عرف العالم اسمه للمرة الاولى عام 1992 عندما قاد محاولة فاشلة لقلب حكومة الرئيس الفنزولي الاسبق كارلوس بيريز الذي كان يصنف على انه احد اكثر قادة امريكا الجنوبية فسادا وانحيازا لشركات النفط الاجنبية التي عملت على ابقاء الشعب الفنزويلي يرزح تحت نير الفقر والعوز بينما يتم نهب خيرات البلاد ونفطها وتقاسمها مع طبقة من السياسين الفاسدين من ابناء فنزويلا.

قام تشافيزبتأسيس منظمة سرية للضباط الاحرار عام 1993، ما فتأت ان قامت بمحاولة انقلاب اخرى فاشلة اودع على اثرها تشافيز السجن العسكري لمدة ثلاث سنوات، وبينما كان في السجن قام رفاقه بمحاولة انقلاب اخرى فاشلة.

بعد خروجه من السجن اعلن تأسيس حزب سياسي تحت اسم ''حركة الجمهورية الخامسة'' ورشح نفسه في الانتخابات الرئاسية عام 1998 وحقق فوزا كاسحا فيها، واعيد انتخابه لفترة رئاسية ثانية عام 2002. في عام 2004 قام تشافيز بمغامرة جرئية حيث اقدم على تأميم صناعة النفط في بلاده، قامت على اثرها المعارضة اليمينية المدعومة من الولايات المتحدة بالاطاحة به وتعيين رئيس جديد للبلاد، الا ان الشعب الفنزويلي قام بالنزوع الى الشوارع في مظاهرات مليونية صاخبة افزعت الانقلابيين فلاذوا بالفرار، ولم تكد تمضي 24 ساعة على تعيين الرئيس الجديد حتى ظهر تشافيز على شبكات التلفزة في بلاده مخاطبا الشعب معلنا ان الانقلاب قد فشل وان الرئيس المعين هرب من البلاد وان عفوا رئاسيا عن المشاركين في الانقلاب سيتم دراسته واعلانه في الوقت المناسب.

في كانون اول عام 2006 اعيد انتخابه لفترة رئاسية ثالثة لا زالت مستمره حتى اليوم، ولعل واحدة من اكثر مواقفة شجاعة وامتلاكا للبعد العالمي هي تلك الوقفة العملاقة في وجه اسرائيل عندما اقدم على طرد السفير الاسرائيلي احتجاجا على مجازر الجيش الصهيوني ضد المدنيين في غزة. فبينما كانت الحكومات العربية تضرب كف بكف.. عاجزة تماما عن فعل اي شيئ عدا الصراع على عقد القمم .. كان هوغو في الطرف الغربي من الكرة الارضية يقدم مثالا للعرب على كيفية التصرف ..
فشكرا له.
qatamin8@hotmail.com