لا ينكر أحد جهود المعنيين في أمانة عمان الكبرى لاعادة تأهيل وتنظيم مواقع مختلفة من عاصمتنا الغالية، وحرصهم على ايلاء شوارع معينة على جبالها الشامخة لتكون محطات جذب سياحي، بما في ذلك "التركيز على بعض المباني القديمة التي كانت موجودة منذ الأربعينات في وسط المدينة للحفاظ على طابعها التراثي" ولقد توّجت أمانة عمان الكبرى بالشراكة مع وزارة السياحة والآثار، وبدعم من مشروع تطوير قطاع السياحة في الأردن "سياحة" وبتمويل من الوكالة الأمريكية للانماء الدولي هذا الاهتمام، بعقد حلقة نقاش بعنوان: "مدينة عمّان كمقصد سياحي... لتصبح عمّان مقصداً سياحياً على المستوى الاقليمي والدولي تماشياً مع أهداف الاستراتيجية الوطنية للسياحة ".عمان التي يحدثنا التاريخ وتروي لنا الآثار الماثلة للعيان ان الانسان أقام فيها منذ عصور ما قبل التاريخ... ومن باب التذكير فان اسمها جاء من "عمون" عندما كانت عاصمة العمونيين منذ حوالي 1200 ق.م. وسميت فيلادلفيا في فترة لاحقة عندما أعاد بناءها بطليموس فيلادلفوس 383- 346 ق.م. انها عمّان قلب الأردن الأشم الذي منه نستلهم تاريخنا العظيم وتراث أمتنا الماجدة، والذي ازدان على مرِّ العصور بأحلـى أبهة، وتشابكت فيه أنبل الخصال الانسانية.

ومساهمة لما جاءت عليه التوجهات بالمشاركة في الرؤية لجعل عمّان منطقة جذب سياحي، فاننا نستنهض الهمم لزيارة حي كامل يقف شاهداً على العصر بأبنيته وبيوتاته التاريخية المتميزة، التي تستحق أن يقال عنها الأقدم بناءً في عمّان، فقد مضى على تشييد أغلبها أكثر من مئة عام... ان هذا الحي الواقع في درج الزعامطة على شارع الملك طلال طيب الله ثراه من الحوض 33 المدينة/ المسمى حي خرفان الغربي/ يستحق العناية والاهتمام بعد طول هجر أسوة بمناطق أخرى أسلفنا ذكرها، كذلك اتخاذ ما يلزم من اجراءات لانقاذ الأبنية التراثية البديعة المهجورة أو الآيلة للسقوط فيه، كونها تمثل حقبة مهمة من تاريخ العاصمة وتحديداً مركز البلد.

وفي السياق نفسه فان السؤال الذي يطرح نفسه لماذا يصرف النظر عن الآثار الماثلة للعيان والمتواجدة في الموقع والتي تستغيث همم المعنيين في وزارة السياحة والآثار، لاعطائها حقها كجزء لا يتجزأ من تاريخ عمان، كذلك اجراء المزيد من الحفريات للبحث عن التاريخ المطمور والمغيب في أرضها وكهوفها الكثيرة... لتخرج للنور صفحات أخرى مشرقة من الحضارات التي مرًت على بلدنا. ولعل في زيارة الأخوة الصحفيين مصحوبين بكاميرات توثق حال هذا الموقع المَنْسي الحزين، بعد قراءة هذه المادة ما يغني عن الكثير من الشرح!

حنا ميخائيل سلامة
*عضو اتحاد الكتاب والادباء الأردنيين
Hanna_salameh@yahoo.com