انطلاق ملتقى فضاءات السادس دورة الكاتب جمال أبو حمدان في رابطة الكتاب
08-10-2017 02:37 PM
عمون - تحت رعاية وزارة الثقافة الأردنية أنطلق مساء السبت ملتقى فضاءات السادس للإبداع العربي، دورة الكاتب جمال أبوحمدان. حيث تولى الدكتور الروائي فادي المواج إدارة حفل الافتتاح فقدم كل من ممثل وزير الثقافة راعي الحفل الدكتور مخلد بركات الذي تحدث عن حرص الوزارة على رعاية كل حدث من شأنه تفعيل المشهد الثقافي الأردني، وتحدث عن كون فضاءات اثبتت خلال السنوات الماضية أنها لا تغلب في رؤيتها الجانب التجاري، بل نزعت إلى ممارسة وتفعيل رسالتها الثقافية. ثم قرأ الكاتب والإعلامي زياد جيوسي كلمة كتاب الدار والتي جاء فيها: لقد كان لي شرف متابعة هذا الملتقى عام 2011 في دورته الأولى، وها هو الحلم يكبر، ويصبح علامة فارقة في المشهد الثقافي، بعيداً عن كل ما نراه من شخصنة للثقافي، وتغليب للسياسي، ففي فضاءات سترى كل المثقفين الذين يختلفون في مواقفهم واراهم يقفون على نفس المنصة بمحبة ووعي. لأنهم يدركون أن الثقافة خطهم الأخير في الدفاع عن وجودهم الإنساني مهما اختلفت الآراء.
ثم تحدث مدير دار فضاءات الشاعر والروائي جهاد أبو حشيش فقال: اليوم نُطلق الدورةَ السادسة للملتقى باسم جمال أبو حمدان والذي يُعد واحداً من روّاد الحداثة القصصية في الأردن، وفي العالم العربي عموماً. وهو أسم يستحق أن تنتبه وزارة الثقافة الأردنية والدائرة الثقافية في أمانة عمان، إلى الاشتغال على منتجه القصصي والروائي على صعيد الترجمة إلى اللغات الأخرى، وفي فضاءات نمد أيدينا للجميع من أجل القيام بهذا المشروع الكبير ومستعدون للمساهمة به في أكثر من مجال.
ثم تلا حفل الافتتاح ندوة السرد وسؤال الهوية والذي قدمه الشاعر والروائي أحمد أبو سليم. فقدم الدكتورة والروائية عبلة الفاري التي قرأت ورقة بعنوان" مفهوم الهوية و مفهوم السرد" فاستعرضت فيها مفهوم السرد ومفهوم الهوية والهوية الثقافية التي قالت في تعريفها: والهوية الثقافية مرتبطة باللغة واللغة والهوية متلازمتان، فاللغة هي الرابط بين أبناء الأمة، وبالتالي تنشأ وتنمو مع الإنسان، وبقدر الحفاظ على أصالة هذه اللغة تكون المجموعة البشرية أصيلةً وليست لفيفًا. فوحدة اللغة تعمق الهوية وتثري البعد الحضاري والإبداعي لأي أمّة.
ثم تناولت مشكلات الهوية والسرد فقسمتها إلى، مشكلات داخلية تنقسم إلى1. الهوس بالماضي 2. سوء فهم الذات، 3. غياب الوعي الكافي لاستيعاب الذات الجماعية4.الاستعمار كمشكلة داخلية ضمن السرد
ومشكلات خارجية تنقسم إلى1.ثنائية الأنا والآخر .2 التطور السريع في تكنولوجيا الاتصالات3 .الاستعمار
اما الروائي حسين ياسين فقد تناول الهوية حيث قال: سأحصر مساهمتي في ندوتكم الجليلة، بما للسرد الفلسطيني من علاقة مع هويته. وبالذات في حالتنا، البقية الباقية من عرب فلسطين. أو، كما أحب أن أسميهم، "عرب الوطن".
ثم قال: بسبب النكبة تم تفتيت الجماعات الفلسطينية إلى تجمعات لاجئة ومنفية، بالمعنى المادي والمجازي، سواء كان ذلك في أرضها التي باتت تخضع لسلطة الآخر. أو توزعوا على بلاد الشتات واللجوء، جميهم يعانون من إختفاء الأرض وعدم ثبات الجغرافيا...
في ظل تلك المعطيات أصبح للفلسطيني علاقة خاصة بالزمن، ووعي حاد بالعابر وبالحركية المطلقة، يمنحهم الشعور بأن الدائم الوحيد هو إنتظار "اللقيا" المتجددة بالأرض، للمصادقة أخيرا على استعادتها في الزمن الفردي مثلما الجماعي.
وتابع في مكان اخر في كلمته قائلاً: وفي صلب عملية الإقصاء والنفي عن الوطن، أصبحت العلاقة بالمكان الأول هي مركز تفكيرنا ووعينا. بعد أن اختفت علاقتنا المعيشة فيه. كشرط ملموس لمس اليد والعين وتحوله لفكرة مفقودة في الواقع، صارت من مشمولات الذاكرة والخيال الفردي والجماعي حيث اتخذت فيه طابعا رمزيا مكثفا. فكان للمكان كرسي البطل في انتاجنا الأدبي.
ثم تحدث الكاتب حسام كناعنة الأسير السابق والمعالج النفسي صاحب كتاب مرايا الأسر قائلا: سأشارككم هواجسي، تلك "الهواجس" والتي رافقتني طوال سنوات الأسر وما انفكّ "صديقي" يؤرّقني بها، حتّى أجبرني، غيرَ مرغمٍ، على محاورته، ومحاورة ذاتي، وكتابة "مرايا الأسر" الذي ترونه بين أيديكم. لولا تلك "الهواجس" لما انكببتُ على الكتابة بكل قوة ورغبة وإصرار لأنجز "المرايا"، تلك المرايا التي نبحث فيها عن ذاتنا وعن هُويتنا ونحن، في النهاية، "لا نطلبُ من مرآتنا غيرَ ما يشبهنا" – كما قال يومًا شاعرُنا الكبير محمود درويش.
ثم نحى منحاً خاصا حين قرأ نصا بعنوان هواجس وخلص منه إلى:
المكانُ هُنا (هنالك)، في الأسرِ، لا يُمكنُ أن نُعرّفَهُ إلّا مُقترنًا بالزّمن. هذا الزَّمنُ مُقتطعٌ مِن أعمارِنا وحياتِنا وأحلامِنا".
كتبت هنالك، في ذلك العالم والزمن، لكن يبقى السؤال: هل كنت سأكون ذات الشخص لو لم أكتب وأسرد تلك "القصص والحكايا من الزمن الحبيس"؟ هل كنت سأكون نفس الشخص الجالس أمامكم الآن؟ هل كان لتجربة الكتابة وللسرد دورٌ في تشكيل هويّتي وتعريفي لها ومعرفتكم بها؟
باعتقادي، لو لم أكتب وأسرد هذه القصص والحكايا لكنت شعرتُ بخللٍ ما، بأني أضعتُ نفسي وضعت، وبأنه قد فاتني شيءٌ مهم، وبأنه ينقصني شيء قد تركته يفلت مني ولكنت تحرّرت والخَواءُ يملأني ولما كنت سأكون ما أنا عليه اليوم. الذي أنقذني من هذا الضياع، ومن هذه الإشكالية" هو السرد، ومن الممكن اعتبار السرد كأفضل وسيلة للتعبير عن الذات والهويّة بشكلٍ عام، وعن هوية الأسرى بشكلٍ خاص. وأنا أتكلم هنا، فيما يتعلّق بالأسرى، عن السرد بكل أنواعه وأشكاله، ابتداءً بالرسالة وصولاً إلى الرواية مرورًا بالقصائد والأشعار والخواطر والقصص القصيرة جدًا والسيرة والمذكرات والدراسات.
وقدم الشاعر الروائي جلال برجس ورقة حول «الهوية والرواية العربية» متطرقا عبرها الى ثلاث نماذج عربية «نجيب محفوظ، الطيب صالح، وغالب هلسا» اذ رأى برجس عبر ورقته أن السرد من أهم الأشكال الأدبية القادرة على توصيف أفعال الإنسان. وبين أن الهويات باتت تواجه مرحلة إشكالية خاصة بعد أن تلاشت المراكز وصار الفرد مقابلها مركزا بحد ذاته، رغم صعود الشعبوية عالميا وعودة بعض القوميات للمزاحمة. وتطرق برجس لنجيب محفوظ كنموذج مهم انطلق من المحلية الى العالمية عبر وعيه واهتمامه بالهوية عبر المكان والإنسان المصريين. كما واتخذ الطيب صالح كنموذج على الصراع من اجل الهوية في روايته «موسم الهجرة» التي كتبت في الستينيات تلك المرحلة التي كان العالم العربي آنذاك قد تخلص من الاستعمار العسكري، و يعاني جراحا في هويته. أما غالب هلسا فقد اتخذه برجس كنموذج على الاغتراب والهوية اذ عاش غالب هلسا خارج الأردن لكنه كان في رواياته دائم الحنين لزمن الطفولة والشباب رغم أن فضاء معظم رواياته كان عربيا
أمسية شعرية:
استهلت الأمسية الشعرية التي أقامها الملتقى الشاعرة الفلسطينية فاطمة نزال من فلسطين، والتي قرأت مجموعة من قصائدها التي تتحدث عن المرأة وتجليات وجودها وعلاقتها بالرجل . من ديوانها أصعد إلى عليائك:
اصعد إلى عليائك فيّ
قد نَذَرْتُ لكَ ما تكاثَفَ في مُزِنِ الرُّوحْ
وما يَسّاقطُ من رُطَبْ
وما أنضجَهُ قيظُ الشوقْ
وما تخمّرَ من عنبْ
قد نذرتُ لك
كلَّ ما أوحى به الحرفُ إليّْ
والقت الشاعرة الأردنية كوثر الزعبي قصائد فيها من البوح والحزن الكثير من ديوانها الأخير "أتقطفني":
بمذاق الأسى
أجازتْ للموت سَكرةَ العنَبْ
حين فرغَ كأسُ الهَوى
مِن عبيرِ التجلياتِ
عنقودٌ روَّعَ الطقسَ السحريَّ للصلاة
ظلٌ مهجورٌ برجمِ رصاصاتٍ
أبلت من الصدى ما يكفي
لينهارَ صوتُ المغني بالعشق.
وقدم الشاعر الأردني علي شنينات نصوصا متماسكة في بنيتها الجمالية، ثرية المضامين والأفكار، وترى الدلالات تتوالد لدى صاحب ديوان (غيمة فوف راسي) وديوان (هشاشتي) بجزالتها وثراء لغتها.
ثم اختتم الشاعر عيسى أبو جودة صاحب ديوان (حمل المطلق على الموثق)، الأمسية، فالقى مجموعة من القصائد التي عبرت عن ذائقته الخاصة ونصه الشعري ، كما أنه اثرى المكتبة المحلية باصداراته الشعرية باللغتين العربية والانجليزية منها:(ظلال مافي من عتمة و جمال)، (على هامش مصرعي)، و(فضيحة المجاز. والقى عدة قصائد منها قصيدة العربي أحمد:
أذكره
كما يذكر محارب خرب
أرض ميلاده الأول
أرض السنديان،
السنديان
المزدحم بخرائب العشب والبيلسان
أذكره
كما يذكر بحار قديم
أرض موعده الأول مع المستحيل
نافذتان من صفيح
على مرمى سماء حيادية
في ظل المؤجل من أحلام
عصية، قصية