تحدثت الأرقام (أرقام ليست رسمية) قبل نحو ثلاث سنوات عن وجود ما لا يقل عن (5000) من أنصار داعش المتغلغلين في كنف مجتمعنا. ولا أدري فيما إذا ازداد هذا العدد مذ ذاك الحين حتى يومنا هذا أم لا. ربما ازداد، وربما لم يزداد، وما أدرانا؟
لعلني لا أبتعد عن الواقع كثيرا إذا ما وصفت مجتمعنا بأنه مجتمع هش أخلاقيا واجتماعيا واقتصاديا، والأخطر من ذلك كله: نفسيا.
والمقصود بـ "نفسيا" هنا ليس أن الأمراض النفسية منتشرة، رغم أنها قد تكون كذلك، لكن مرامي هنا "نفسية النشمي"؛ فكنا نقول عن فلان "نفسه عزيزة"، أما الآن فيبدو أن "فلان" انقرض وسط هذه الدوامة الاجتماعية الخطيرة التي تعصف بمجتمعنا.
فالرشاوي تبدأ من أصغر موظف إلى أعلى درجات الوظيفة. وكنا نتحدث عن "دناءة" بعض الشعوب العربية الشقيقة، والآن نتساءل: إلى أي مدى ستصل دناءة "النشمي"؟
والتحرش الجنسي منتشر في أزقة وشوارع المملكة أينما وجدت الحسناوات النشميات، لا بل قد يحدث ذلك أمام أعين أجهزة الأمن العام التي لا تحرك ساكنا مدة أنه لم تصلهم شكوى قانونية!
أما الخيانة الزوجية فحدث ولا حرج، بغض النظر عن الأسباب والدوافع التي تدفع أحد الزوجين لخيانة الطرف الآخر، إلا أنها في النهاية "خيانة" وخروج عن الخط الأخلاقي الذي كان يسير عليه "النشامى".
وأصغر مشاجرة حجما بين أي إثنين أو اكثر تكبر وتنتهي بأكبر حجم من الخسائر البشرية والمادية.
هذا المجتمع يتآكل بنيانه بفعل الفقر والبطالة المنتشرين بشكل كبير في أوساط الشباب والشابات الذين يقضون وقت فراغهم بالأرجيلة علنا و"الحشيشة" سرا.
هذا المجتمع ينتظره ما لا يقل عن (5000) من أنصار داعش، بغض النظر عمن صنعه، ومن أنشأه، ومن يساهم في توسعة صفوفه المكتظة بالشباب الموعودين بحوريات الجنة.
وهؤلاء ليس لديهم ما يخسرونه، فتجدهم "أولي بأس" يقاتلون أيا من يخالفهم بضراوة وشراسة ما أنزل الله بهما من سلطان.
في الستينيات من القرن المنصرم اعتبر جون كينيدي نعومة الشباب وطراوتهم المتزايدة خطرا على الأمن القومي الأميركي فأنشأ مجلس اللياقة الشبابية!
أما بالنسبة لمجتمعنا الهش فلعلني لا أغالي إذا ما طالبت بتفعيل كل من الجيش الشعبي وخدمة العلم، والتحرك سريعا لترصيص بنيان هذا المجتمع المتآكل المتصدع المتشقق قبل فوات الأوان، وإلا فلنحفر قبورنا بأنفسنا منذ اللحظة.
عبرة من كتاب:
نقرأ في كتاب "هموم هذا الزمان" لمؤلفه أنيس منصور، ص245: "فيما مضى كان الألمان يفسرون عظمتهم بأنهم قبل أن يذهبوا إلى الجامعات يمرون على "الثكنات"، وفيها يتعلمون الضبط والربط والتضحية والعمل معا، والموت معا".