رغم كل الوضوح في الموقف الاردني من الازمة السورية ،ورغم ما تحملته الدولة الأردنية من تبعات هذه الأزمة نتيجة الحرب السورية على كل الأصعدة الاقتصادية والسياسية والأمنية والعسكرية وحتى الاجتماعية ،ورغم كل الضغوط التي تعرض لها الأردن من بعض الاشقاء من اجل ان يذهب بعيدا عن موقفه وينعكس في الأزمة السورية عسكريا او يفتح حدوده كما هو حال الحدود التركية لكل انواع المقاتلين والأسلحة والتمويل ،رغم كل هذا بقي النظام السوري يتعامل مع الأردن بطريقه استفزازية اتهامية بل وعدوانية ،ولم يترك النظام فرصة للهجوم على الأردن وتوجيه الاتهامات الباطلة الا استغلها ،وربما كان النظام السوري يعتقد ان له مساحه من الشارع الاردني من الانصار تتيح له ان يكون السفير السوري في عمان زعيما وليس دبلوماسيا يعمل في دوله اخرى وعليه التزام الأصول والاعراف الدبلوماسية .
النظام السوري كان عبر سنوات الأزمة يُتهم الأردن بأنه سيدخل الاراضي السورية ،وأحيانا يتهمه بتدريب مقاتلين وادخال تنظيمات متطرفة عبر الحدود الأردنية ،وكان يُتهم الأردن بعلاقه عسكريه مع الولايات المتحدة ،وكل هذه القضايا وغيرها لها سياق اردني واضح ومعلن .
فالأردن كان وبقي يعلن انه لن يدخل الى الاراضي السورية ،ورغم الاتهامات من النظام السوري الا ان الموقف الاردني العملي ثبت انه الموقف السليم ،فالجيش الاردني لم يدخل الارض السورية .
اما العلاقة مع بعض التنظيمات فكان لها سياق اردني معلن وواضح وهو ان أولويه الأردن امنه واستقراره والحرب على الارهاب ،وكان يعلن ان علاقات اقامها الأردن مع قوى عشائرية وتنظيمات والهدف ليس إسقاط النظام بل محاصره عمل التنظيمات الإرهابية وبخاصه في المناطق القريبة من الحدود الأردنية .
اما العلاقة مع امريكا فهي علاقه استراتيجية منذ حوالي سبعين عاما ،والأردن لا يقدم نفسه عدوا لأمريكا بل صديقا وحليفا ،وهناك برامج تدريب مشتركه ،وتسليح الجيش الاردني يعتمد على السلاح الامريكي ،والغريب ان النظام يهاجم ما يسميه مخططات أمريكية ستنطلق عبر الأردن بينما لأمريكا على الارض السورية حوالي عشر قواعد عسكريه وفق ما يتحدث به النظام السوري نفسه .
والأردن الذي كان من الدول العربية القليلة التي ابقت على العلاقات الدبلوماسية مع سوريا ،وبقيت سفارتها في عمان مفتوحه ،كان رد الجميل ان كان السفير السوري في عمان بهجت سليمان بعيدا عن كل الاعراف والاصول وتعتمل بعنجهية دفعت الحكومة الى الأردنية الى طرده ،وتكرر ذات السلوك مع القائم بالأعمال الذي اساء للأردن وتصرف بذات العقلية الفوقية التي لا تليق بنظام لم يستطع ان يوفر الأمن لشعبه وفتح الارض السورية لمئات الآلاف من المقاتلين من كل الجنسيات يقاتلون معه وضده .
ربما تكون رواسب العلاقة التاريخية لما فيها من تعامل رديء من النظام السوري اخد أسباب تعامله مع الأردن ،وقد يكون الحسد من الأردن الذي استطاعت قيادته وشعبه ان تجنب الأردن ما وقعت به دول اخرى ،وقد تكون هناك أسباب اخرى لها علاقة بالجناح المحسوب على قوى اقليمية داخل النظام ،وهي قوى لها مواقف عدائية من الأردن ،وربما أسباب اخرى لكن محصلة الموقف ان النظام يسيء التقدير لأن الأردن من الدول التي تعمل لبقاء سوريا دولة موحدة ،والأردن لم يضع زيتا على نار الحرب بل هو صاحب الدعوة للخل السياسي .
العلاقة مع الأردن واحدة من عناوين الإدارة السيئة من النظام السوري لعلاقاته مع محيطه، فالأردن ليس لبنان ،وليس غيرها ،ولولا حكمة الموقف الاردني لربما كان وضع النظام السوري غير ما هو عليه .