في لقاءاته مع النواب ومؤسسات المجتمع المدني يختار رئيس الوزراء الدكتور هاني الملقي الحوار لشرح القرارات الإقتصادية التي تعتزم حكومته تنفيذها في إطار برنامج التصحيح الإقتصادي.
الملاحظة الأهم أنه كلما رفع الرئيس درجة المخاطر من الصعوبات المالية، رفعت الأطراف الأخرى المطالب.
هذا سياق طبيعي، في اللعبة السياسية لكن شريطة أن لا تكون الإصلاحات الإقتصادية هي الضحية عندما يستبدل وقف الهدر في ملف الدعم الى نزيف مالي من نوع آخر في تلبية هذه المطالب.
بداية, على الحكومة واجب أن ترفع سوية الخدمات وأن تطرح وتمول المشاريع الخاصة بالتعليم والصحة وغيرها من الخدمات الحكومية جون مبادلة, بمعنى أن هذا شيء وذلك شيء آخر.
رئيس الوزراء يحذر من أن الصعوبات المالية بسبب عجز الموازنة وارتفاع المديونية لتأخر إجراءات تصويب الدعم بتوجيهه الى المواطن بدلا من السلعة وهو أي الدعم الذي يكلف الخزينة ملياري دينار سنويا.
هذا هو التحذير السادس الذي تحمله هذه الحكومة فقد سبقتها حكومة الدكتور عبدالله النسور وقبله, سمير الرفاعي وكرره معروف البخيت واتبعه عون الخصاونة وفايز الطراونة مع حفظ الألقاب, لكن دائما كان التأجيل حليفا للإجراءات التي يفترض بها أن تخفف من الضغوط المالية ومن تراكم المشكلة التي أصبحت مثل كرة ثلج, ولعل ما جعلها تتفاقم إلى المستوى الذي بلغته من الخطورة هو أن أحدا لم يتخذ القرار الجريء المطلوب.
المواطن الأردني ذكي وقارئ جيد ومتابع, وإن كانت الرؤوس الحامية أخذته على حين غرة فهو حتما قادر على تمييز مصالحه وعلى تحري الحقائق كما هي مهما أعجبته العناوين البراقة والعبارات الرنانة التي تتبارى فيها الأطراف لكسبه الى خندقها, وبرغم الأوضاع الإقتصادية الصعبة كان التفهم سمة المواقف الشعبية, وأهمها شرعية مطالبه في تحسين الأوضاع الإقتصادية والمعيشية وغايته في ذلك استثمار الأمن والإستقرار والحفاظ على هذه المكاسب الثمينة التي لا يمكن التفريط بها, والأهم إدراكه لطبيعة الظرف الضاغط على البلاد حكومة ومواطنين, ومصلحته هي في موازنة قوية ورشيدة تفي بمتطلباته وتعفيه من تحمل زيادة الاعباء والمديونية وتقليل الإعتماد على الذات في ظل مساعدات ومنح لا تفي بالغرض.
شئنا أم أبينا, الصندوق والمجتمع الدولي بما فيه دول الخليج تربط المنح والقروض بإصلاحات ضرورية لتشوهات إقتصادية واختلالات وغيرها, هذا الربط كان سيكون محقا لو أن الضائقة الإقتصادية كانت فقط على سياسات محلية خاطئة مثل الإستمرار في الدعم على إطلاقه لسلع أساسية أو الإخفاق في ترشيد الإنفاق أو الإستخدام الخاطئ للمنح والمساعدات لكنه ليس كذلك فحسب فهو ناجم عن ظروف خارجية لا ناقة للأردن فيها ولا جمل.. العالم ينقض تعهداته تجاه الأردن.
qadmaniisam@yahoo.com
الراي