إسرائيل في معركة "المصالحة الفلسطينية"!
رجا طلب
06-10-2017 07:22 PM
مهدت تفاهمات حركة حماس والتيار الإصلاحي بحركة فتح بقيادة محمد دحلان والتي جرت في القاهرة، أرضية صلبة للمصالحة الفلسطينية والتي بدأت خطواتها على الأرض برعاية مصرية، وفتحت تلك التفاهمات الباب على مصراعيه أمام حركة فتح في رام الله والحكومة الفلسطينية للدخول على خط المصالحة بعد أن توصل الطرفان (حماس والتيار الإصلاحي) إلى اتفاق يقضي بحل اللجنة الإدارية التي شكلتها حماس لإدارة شؤون غزة بدلاً من حكومة الحمد الله والتي تحولت إلى عقبة كأداء في طريق المصالحة بين فتح وحماس ، وتمسك الرئيس عباس بشرط حلها للجلوس إلى طاولة الحوار من اجل المصالحة.
الاتفاق على حل اللجنة الإدارية كان بمثابة "فك العقدة من المنشار"، وقد فاجأ هذا القرار كلاً من الرئيس عباس الذي وصله الخبر وهو في نيويورك، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، والاثنان أصابهما الإرباك حيال كيفية التعامل مع هذا التطور وتحديداً "مرونة حماس"، فالرئيس عباس لم يكن أمامه إلا الترحيب بحل اللجنة الإدارية ومباركته، وفي حساباته أن السلطة الفلسطينية ستعود إلى غزة وتبسط سيطرتها على المعابر والوزارات والأجهزة الأمنية بدون أي كلف تذكر، إلا انه سرعان ما عبر عن هاجسه الأكبر ألا وهو سلاح حماس ومصيره، وشبهه بسلاح حزب الله في لبنان معلناً رفضه لنموذج حزب الله في قطاع غزة، وهو ما يعني المطالبة بتسليم هذا السلاح للسلطة الفلسطينية، وهي قضية خلافية من الدرجة الأولى، وكانت إثارتها في لقاء تلفزيوني بمثابة "لغم مبكر" في طريق المصالحة الأمر الذي أزعج الراعي المصري للمصالحة الذي دعا للتعامل مع هذا الملف بحذر شديد خلال المباحثات.
أما نتانياهو فيعتبر نجاح المصالحة مسالة لا تصب في صالح إسرائيل ومصالحها على الإطلاق، واشترط ثلاثة شروط للاعتراف بها وهي: الاعتراف بيهودية إسرائيل، وحل الجناح العسكري لحركة حماس، وقطع العلاقات مع طهران، رغم أنه ومن الناحية العملية لم يعرقل زيارة وفد الحكومة الفلسطينية والسلطة إلى قطاع غزة (على أمل) أن ينجح أبو مازن في نزع سلاح حماس والفصائل الأخرى في غزة .
نتانياهو على ثقة بأن الرئيس الفلسطيني لا يستطيع المضي قدماً في مشروع المصالحة وذلك لسببين:
الأول: يتمثل في العبء الكبير الذي يشكله قطاع غزة على موازنة السلطة، فالمصالحة وعودة حكومة الحمد الله للقطاع يعني أن تتحمل تلك الحكومة المسؤولية الكاملة عن القطاع بما في ذلك دفع رواتب قرابة 42 ألف موظف وتحمل المسؤولية في حل مشكلة الكهرباء بالإضافة للرعاية الصحية وغيرها من الأعباء المعيشية، وهو أمر لا تقوى السلطة عليه في ظل عجز بالموازنة قدره وزير المالية في السلطة شكري بشارة بـ 3 مليارات دولار، وفي ظل تراجع كبير في تقديم المساعدات المالية للسلطة سواء من أمريكا أو الاتحاد الأوروبي أو الدول الخليجية.(تشير دراسات الأمم المتحدة إلى أن قطاع غزة سيصبح مكاناً لا يمكن للبشر العيش فيه سنة 2020)
ثانياً: إن نجاح المصالحة وعودة السلطة إلى غزة يعنى بالضرورة نزع سلاح حماس، وهو شرط إسرائيلي رئيسي، وبدونه فإن تل أبيب تعتبر المصالحة مسألة داخلية فلسطينية لا تعنيها، ويعلق على هذه النقطة اللواء الاحتياط يعقوب عميدرور الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي قائلاً: إذا أراد أبو مازن أن يربح من الاتفاق فإن عليه أن يدفع الثمن هو أيضاً: السيطرة بالقوة على "حماس" ونزع سلاحها، وإبقاء السيطرة الأمنية بيد الشرطة الفلسطينية كما هو الوضع في يهودا والسامرة (الضفة الغربية). وأي تحرك آخر يجب أن ترفضه إسرائيل، التي ليس عليها تحمل عبء المصالحة الفلسطينية.
من الواضح أن إسرائيل لن تسمح بتمرير المصالحة وسوف تضغط على السلطة الفلسطينية للذهاب نحو نقطة التفجير الأساسية ألا وهي سلاح حماس والفصائل في غزة، وهو تكتيك إسرائيلي سيضاعف من مأزق السلطة ورئيسها إذا لم يتوصل مع تل أبيب إلى "تسوية أمنية" تراعي مصالحها الأمنية وفي الوقت نفسه لا تغلق الطريق في وجه المصالحة.
24: