في كل شيء ما تحتاج اليه البلاد من أجل النهوض وخصوصا الإقتصاد وتحسين الدخل وحياة الناس هو مجرد قرار جريء .
طبعا سيتنطح كثير من الناس ويقولون لك ما الذي يمنع ولماذا التردد , سأقول لهم بكل صراحة ووضوح , القيود الإجتماعية والإقتصادية والسياسية والأمنية التي يبتكرها البعض ويبدع في تهويلها هي السبب .
لا اقلل من مستوى المخاطر لكن نعرف ويعرف الناس أن بعض المسؤولين يبالغون في التقييم ويخطئون في أحيان كثيرة وهذا مقبول لكن ما هو غير مقبول على الإطلاق أن يكون التهويل فقط ليستحق الدور الذي يقوم به هذا المسؤول أو ذاك وكي يستحق المديح , فأفضل الحلول هو التسكين وأفضلها على الإطلاق إدعاء إنجاز في شيء غير موجود .هذا هو بعض حالنا , لكن هذا شيء وما سيأتي في هذه الإستراحة تاليا هو شيء آخر .
سألتني الوزيرة النشطة لينا عناب ..لو تملك عصا سحرية وخيرت في إتخاذ خيار لرفع عائدات السياحة , أين ستذهب بعصاك ؟.
أكيد هذه العصا لن تكون مثل تلك التي إستعملها نبي االله موسى في إفشال سحر السحرة فهي معجزة من عند االله , وقد إنتهى زمن
المعجزات , فلا تستطيع اليوم أن تفعل شيئا بالسحر أو بمعجزة ما , أنت تستطيع أن تفعل كل شيء بإتخاذ القرار المناسب والجريء , لكن عليك أن تشرح للناس لماذا وكيف ستتخذ القرار حتى تنال دعمهم ومشاركتهم , وأكثر ما يغضب الناس هو الغموض والتأويل وهو ما يترك مساحة هائلة للتشكيك والتفسير وإطلاق الشائعات .
قلت للوزيرة التي أقدرها وأنا من أشد المعجبين بغيرتها وبجهودها , أن الأردن غني بالمواقع السياحية وهذا صحيح , وأن الاردن قادر على جذب سياحة أكبر وأن الدخل من السياحة يمكن أن يصل الى 10 مليارات دينار سنويا وربما أكثر وهذه هي قناعتي التي سأبقى أرددها , لكن ما علينا فعله هو إبتكار أفكار جديدة , تعوض النقص الذي نعاني منه مثل البحر وربما الخدمات التي يطلبها السائح وهي ليست موجودة عندنا بفضل الأسعار .
حسنا سأبحث مع الوزيرة هنا عن القيمة المضافة , سنجدها في السياحة العلاجية مثلا , وفي سياحة الترفيه لكن علينا أن نراقب الأسعار فهي المعيار الذي يرغب أو يرهب السائح .
مثلا .. كنت تحدثت مطولا مع الصديق ممدوح العبادي قبل أن ينضم الى الحكومة وزيرا فهو معجب بالتجربة الإسبانية التي قرر وزير السياحة
فيها ،بعد الحرب العالمية الثانية أن يأخذ على عاتقه المخاطر ففتح الحدود دون تأشيرات أمام اوروبا كلها , فأصبحت إسبانيا من أهم المقاصد السياحية .
أنظر ماذا فعلت الولايات المتحدة ،عندما قررت أن تصنع معجزة إسمها «لاس فيجاس « في عمق الصحراء حيث لا ماء ولا شجر , وأنظر كيف نقلت تركيا العدالة والتنمية و أندية القمار والملاهي الى الشق التركي من جزيرة قبرص , إسأل الأردنيين عن هذه الجزيرة فهم من أكثر زبائنها .
سأذهب الى وادي عربة ..حيث لا زرع ولا كلأ ولا ماء , ولا سكان وسأحجز 10 الاف دونم وأسورها وأطرحها للإستثمار أمام القطاع الخاص المحلي
والعربي والدولي , بلا ضرائب ولا رسوم ولا ثمن للأراضي , ينشأ فيها مطار وطرق برية دولية وحدائق وفنادق ومنتجعات ويجلب لها المياه ويزرعها ويقام فيها الملاعب والمنتجعات ونوادي الترفيه مثل الغولف وسباق السيارات والخيل , ورياضة المظلات والقفز والتزلج في الصحراء أندية الترفيه والملاهي وأخيرا الكازينوهات , وكل ما يمكن أن يلبي رغبة الإنسان السائح من المتعة والترفيه , وأطلب اليه أن يورد للخزينة نسبة من العوائد فقط , ولا شيء أكثر من ذلك لتكون مدينة ترفيه كاملة متكاملة يدخلها السائح ولا يحتاج لأن يغادرها الا عائدا الى بلده , تتمتع بأسعار وعروض معقولة ومنافسة لكل الشرائح والطبقات السياحية بحسب التنوع الفندقي فيها .. لما لا , جزيرة معزولة في الصحراء الا من نفسها . لما لا .
حتى لا تبقى السياحة عندنا مثل توقعات الطقس والأبراج , ترميمتر تقرأ من فنجان
الراي