المشروعية الاخلاقية للرأي المشارك
د. عاكف الزعبي
05-10-2017 05:00 PM
نسأل بكل شفافية ومسؤولية وطنية هل يمتلك من يلقي قمامته من شباك مركبته المشروعية الاخلاقية لان يصدح برأيه في قضايا الوطن العامه ، او ان يعمل قدحاً في الحكومة وشخوصها وفي مؤسسات الدولة الاخرى وصولاً الى رموز الدوله ؟ وهل يمتلك هذه المشروعية الاخلاقية من يحطم الممتلكات العامه في الحدائق التي تقيمها الدولة خدمة للمجتمع ؟ ومن يطلق العيارات النارية في المناسبات ؟ ومن يمارس الغش في امتحان الثانوية العامة ؟ ومن يحشد ابناء عشيرته ليثير الشغب والعنف في الجامعه ؟ ومن يسرق المياه والكهرباء لاستخداماته المختلفه ؟ ومن يعتدي على اشجار واراضي الثروه الحرجية واراضي الخزينه ؟ ومن يحفر بئراً دونما ترخيص ليسرق ثروة مائية عامة ؟ ومن يتسلح بالواسطة للسطو على حقوق الاخرين ؟ ومن يقود مركبته بعدوانية سافرة بحق مستخدمي الطريق وغيره من السائقين ؟ ومن يذهب لمباريات كرة القدم ليقذف الآخرين باقذع الشتائم ويسمعنا احط الهتافات ؟ واضيف لهؤلاء وأضعهم في المقدمة منهم كل من يتهرب من دفع ما يستحق عليه من ضريبة لخزينة الدوله .
في الحوارات التي جرت على نحو مكثف حول قانون الانتخاب لعام 2016 تبين لي ان الغالبية العظمى ممن تحاورت معهم وهم من النشطاء السياسيين المنتمين للطبقة الوسطى لم يقرأوا القانون ولو تصفحاً ، وان علمهم بمضمونه لم يتجاوز ما اطلعوا عليه من وسائل الاعلام او ما سمعوه من آخرين . كنت استمع لمحاوري جيداً وعندما كان احدهم يبدأ بتغليظ القول بحق من كان لهم صلة بوضع القانون كنت اسأله بهدوء عما اذا كان ملتزماً بدفع الضرائب المستحقة عليه لخزينة الدوله ام لا . فكما هو معلوم ان معظم النخبة الاكثر نشاطاً في العمل العام من مثل المحامين والاطباء والمهندسين وغيرهم من مهنيي الطبقه الوسطى من غير الموظفين لا يدفعون ما يستحق عليهم من ضرائب لخزينة الحكومه .
على اساس من قاعدة تلازم الحق والوجب فان لنا جميعاً الحق ان نسأل دونما مواربة الى متى تستمر المجاملة المجتمعية في الشأن العام على حساب الحقيقه ؟ ولماذا يستمر استخدام التجريح بالحكومة جسراً لاكتساب مشروعية لكل من لا يستحقها ، واداة لتغذية الشعبويه ؟ والى متى يظل مسموحاً لكل غير قارىء
لما ينبغي ان يقرأ وغير عارف لما يجب ان يعرف وغير مختص فيما يفتي ان يملاْ ساحة التواصل الاجتماعي ضجيجاً واشاعات ضارة بكل شىء حتى بالوحدة الوطنيه ، ويتمدد على موجات وصفحات الاتصال والاعلام داعياً الى حرق الكتب المدرسية ، ويشارك في حرقها مجاهداً ، دون ان يتجرأ رأي جمعي مدني مؤسسي من الوقوف بوجه الهجمات التي طالت القوانين والمؤسسات ونظام الحكم وثوابت الوحدة الوطنية ، وكل ما من شأنه ان ينال من الكيان السياسي للدوله . فاين هي الاحزاب والنقابات المهنيه ونقابات العمال والمؤسسات الاعلاميه ومراكز الدراسات من كل ذلك ؟
ثقافة فاقدي مشروعية المشاركة في العمل العام لا تتحمل وحدها وزر الاختراقات والتطفل على المشاركه. نفس القدر من المسؤولية تتحمله ايضاً السلطات الرسمية بصفتها صاحبة الولاية وراعية شؤون المجتمع . فمن صلب واجبها بناء ثقافه مجتمعيه راشده ابتداء من تقديم النموذج الرسمي القدوه . كما ان على مؤسسات المجتمع المدني مسؤولية كبيرة في تعزيز الاستدارة الايجابية اللازمة في ثقافة المجتمع وبخاصة لجهة تحسين الخطاب في الشأن العام وترشيده ، واحترام الرأي الآخر ، وتحسين لغة الحوار واستئصال مفردات الاتهام منها .