لا يمكننا إلا أن نثمن الهجمة الحكومية القوية على المتهربين من الضريبة و ضرورة تدفيع المتهربين من الضريبة ثمن خيانتهم للوطن الذي احتضنهم و ساعدهم على النجاح و الثراء و من ثم يقومون بسرقة الوطن جهارا نهارا ، و نتفق مع الوزير محمد المومني أن المتهرب ضريبيا مكانه السجن حتى يرتدع من بعده عن الظلم الفاحش الذي يرتكبه بحق الوطن ، و ربما تكون هذه هي المرة الأولى التي نرى فيها الحكومة تمسك بزمام مبادرة قوية واضحة المعالم لمعالجة خلل كبير في المنظومة الاقتصادية و الإدارية للدولة .
غير أننا نأمل أن لا تكون كل هذه البروباغندا قد أملتها ضرورات المرحلة لإثارة الكثير من الغبار في الأجواء الملبدة أصلا حتى يتقبل الشارع مشروعي قانون الضرائب الجديد و رفع أسعار كثير من المواد الاستهلاكية على المواطنين و من ثم تنزل كوارث القوانين الجديدة على رؤوس الفقراء و متوسطي الدخل و ليس على الهوامير و الديناصورات ، و الكلام الكثير عن أن شريحة الفقراء لا تتضرر من مثل هكذا مشاريع كذب بواح و قد جربناه مرات كثيرة ابتداء من وعود عبد الكريم الكباريتي " الدفع قبل الرفع " و ليس انتهاء بجركن الكاز الذي لا يتوقف عن الارتفاع.
نسأل و ربما ليس ببراءة ، لماذا كل هذا السكوت الطويل على موضوع الضرائب و الانتباه إليه فقط اليوم ، والسؤال ليس معارضة لمحاسبة المتهربين ضريبيا و لكن لاستطراد تفرضه ضرورات الحوار و مساقات الواجب المهني ، و لماذا لم يحاسب المتهربون ضريبيا في الماضي و الذي القي القبض عليهم ، الم يتم توثيق تهرب ضريبي واحد بقيمة أحد عشر مليونا و نيف لشركة واحدة فقط ، و تم الاكتفاء بتدفيع الشركة ما تهربت منه أو بالأحرى ما تم ضبطه و الله أعلم بما لم نعرفه ، لماذا لا يتم الانتباه للبنوك و شركات التأمين و مصانع الحديد و الشركات العابرة للقارات و كبار الهوامير و الديناصورات و ملاحقتهم ، و لماذا كل زوبعة اللص الذي قام بسرقة القرن الكهربائية كما وصفته مصادر الحكومة و هناك عشرات اللصوص الذين لا يدفعون كهرباء و لا يستطيع قارئ العدادات أن يدخل من بواباتهم الخارجية و لا تستطيع الشركة أن تفتح فاها معهم .
لماذا تسكت الحكومة على مئات الآبار غير الشرعية و غير المرخصة و المرخصة بالرشوة و الواسطة و تلقي القبض بين الحين و الآخر على حفارة في الرمثا أو في المفرق يكون صاحبها ضعيفا لا ظهر له أو غبيا لا بطن أمامه يملؤه قبل البدء بالحفر و لماذا تسكت الحكومة على ملفات الفساد بمئات الملايين و التي يعرفها القاصي و الداني و لا تستلهم شجاعتها في خوض معركة قانون الضرائب الجديد لتخوض معه حرب شاملة على الفساد و التهرب من الواجب و خيانة الوطن في كثير جدا من الوزارات و المؤسسات و ربما السفارات و القنصليات ، لماذا لا تستل الحكومة سيف العدل و تقوم بما لم يقم به الأوائل حتى يحبها الله و الشعب .
ثم لماذا التستر على أسماء من يتم إلقاء القبض عليهم متلبسين بالسرقة أو التهرب الضريبي ، لماذا تحب الحكومة تشجيع الشائعات و القيل و القال ، حينما تقول أننا قبضنا على أكبر سرقة كهرباء في العالم طيب قل للشعب من هو اللص ، الدول التي تقدمت تضع صورة المتهرب ضريبيا أو الفاسد على الصفحات الرئيسية للصحف و لا تأخذها الشعب لومة لائم ، الحكومة غير قادرة على عادتها على معالجة الورم الخبيث الذي ينخر جسد الوطن و هي كسابقاتها تريد بضعة ملايين و تريد إرضاء صندوق النقد الدولي و لذلك نظن و أحيانا ( إن بعض الظن إثم و أحيانا إن سوء الظن من حسن الفطن ) و نرجو أن نكون أثمين لا فطنين هذه المرة ، و لكننا شبه متيقنين أن الحكومة ستسن قانونا يضر بالشعب و ليس بالهوامير و لا بالديناصورات النائمة الصاحية ، و نرجو أن نكون مخطئين.
نحن مع الحكومة ، نحن مع الدولة في حربها ضد التهرب الضريبي ، و ضد الفساد و ضد اللصوص و ضد المستوطنين الذين يسرقون و ينهبون و حقائبهم معدة للهروب عند أول هزة و لنا تجارب في الماضي و رأينا المنافقين يفرون كحمر مستنفرة ، فرت من قسورة و ما أن زالت الغمة و انجلت المحنة حتى عادوا بوجوههم القبيحة و الوطن قلبه كبير خاصة للصوص فعاد الحرامية ليتحكموا في مفاصل الحكم و ما يزالون في جيلهم الثاني او الثالث يجوبون أصقاع جيوب المواطنين بحثا عن أخر تعريفة يجدونها علها تسد ما تبقى من جشعهم .
لا تفجعوا المواطنين بقانونكم الجديد و ليكن موجها للشركات الكبرى و هوامير التجارة المشروعة و غير المشروعة و ليس لجيوب المواطنين الفقراء فقد فاض الكيل بالناس فلا تدفعوهم لأبعد من ذلك ...
رجاءً...