رد الاعتبار لمؤسسة البرلمان
سميح المعايطة
28-01-2009 03:56 AM
خلال اكثر من محطة، وخلال الفترة القريبة، كانت هناك أصوات نيابية تتحدث بلغة النقد عن المؤسسة البرلمانية وتحديدا المظلة الأمنية وعملية بناء أكثرية نيابية بالتجميع، لا على أسس سياسية، وخرجت أصوات إعلامية ونيابية وسياسية تتحدث عن واقع مجلس النواب ومن يستهدفه. وهذا يدعونا الى عمل جذري عنوانه إنقاذ المؤسسة البرلمانية وإعادة الاعتبار لها باعتبارها أحد معاقل الدولة والإطار التمثيلي للأردنيين في كل مناطقهم وجميع اطيافهم.
وإذا تحدثنا بصراحة وشمول، فإنّ أولى خطوات إعادة الاعتبار للمؤسسة تتمثل في إجراء تعديلات تتوافق عليها كل فئات المجتمع على قانون الانتخاب، وما نقوله لا يعني أن الحل هو تبني أي رأي لأي جهة، بل التوافق على صيغة تعطي للمجلس جرعة اكبر من العمل السياسي والدور الوطني العام.
الخطوة الأخرى تتمثل بالتوقف عن عملية تركيب مجالس النواب قبل الانتخابات. وهنا نتحدث عن عمليات نزاهة حقيقية وإجراءات لا تثير اللغط، وحتى لو كان لأي جهة رسمية ميل لأي طرف أو شخص فهذا يفترض ألا ينعكس على المسار. وإذا كنا اكثر واقعية، فإننا نطالب الحكومات إذا رغبت في تبني أي شخص أن تختار من يمتلكون الكفاءة والحضور وأن يكونوا قادرين على الدفاع عن مواقف الدولة.
وفي إطار الممارسات، فإن بعض السادة النواب ممن يرفعون أصواتهم بالنقد كانوا جزءا من لعبة سياسية هدرت جزءا من صورة المجلس وهيبته. فمنهم من كان يذهب الى اللقاءات التي تتم تحت اشراف السلطة التنفيذية لترتيب البيت البرلماني وتوزيع مناصب المكتب الدائم، او غيرها من المعادلات الداخلية والتفاهمات. وهنا نفرق بين شراكة وحوار مع الجهات الحكومية وبين القبول بهيمنة السلطة التنفيذية والقبول بالتدخل مقابل مواقع وحصص.
ونشير ايضا الى دور مارسته العناصر الخبيرة وذات الوزن السياسي التي لم تعمل على بناء حالات سياسية فاعلة وقوية داخل مجلس النواب. فالبعض عمل بما يحقق له الحضور والدور، والبعض مارس اللامبالاة والمشاركة الجزئية، وحتى من يمارس الاشراف والتدخل في اداء المجلس من الحكومات، فإنه كان معنيا بتمرير مراحل والعمل بالقطعة، سواء فيما يتعلق بالتشريعات او مواسم الثقة او غيرها، لكننا لم نشهد جهدا مؤسسيا لبناء حالة برلمانية قوية وعلى أسس سياسية.
ثمة دور سلبي مارسته إدارة مجلس النواب عبر اكثر من مجلس، حيث كان التركيز على الامتيازات الشخصية للنواب، والتي لا يستحقونها، وقد جرى ذلك بشراكة مع الحكومات، بما فيها الحكومة الحالية، وذلك ضمن سياسة اثرت سلبيا على مكانة المجلس لدى الاردنيين، وأقبل النواب او معظمهم على الامتيازات الشخصية بكل حماس، ما ساهم في جعل الموقع النيابي جمعة مشمشية لكل شخص وليست عملا عاما.
وربما علينا ألا ننسى حالة الاستعمال السياسي من بعض الحكومات لغايات نجومية بعض الرؤساء، وتحديدا الارقام القياسية في الثقة، والتي افقدت هذه العمليات السياسية قيمتها وحولتها الى "مواسم بروتوكولية".
إعادة الاعتبار لمؤسسة المجلس ضرورة وطنية. فالخاسر هو الدولة، اما الاشخاص فيحصد كل منهم امتيازات. واذا كانت الخطوة الاولى لمسار الانقاذ تحتاج الى انتخابات مبكرة، فلا ضير؛ بشرط أن يكون مسار إنقاذ لا تكرارا لمسارات سابقة. لكن الأمر يحتاج الى قناعة لدى البعض بأن هناك مشكلة تحتاج إلى حل!
sameeh.almaitah@alghad.jo