ثبت أن لا نية عند الحكومة لنقل مدير مؤسسة المواصفات والمقاييس، فتصرف دولة الرئيس مع مديرها العام، كان محترماً، واستجاب فيه لكل الأصوات التي دافعت عن مصير د حيدر الزبن، الذي خرج وأعلن بعد يومين من الغياب وإغلاق الهاتف كما صرح إعلامياً، ليقول: بأن دولة رئيس الوزراء أصرّ عليه بالبقاء في المواصفات والمقاييس؛ خدمة للوطن ومنعاً للفساد. وبذلك بددت الحكومة ما أثير وما قيل، ونحن نحب أن تنتصر الحكومة للحق وللشعب، ولنقل: شكراً لدولة الرئيس على حمايته للموقع ومكانته، وللوظيفة العامة حين يكون صاحبها على درجة من الانجاز والتقدم والعفة.
لكن المسألة تطرح الحالة التي عاشتها البلد، تجاه موظف عام، خدم باخلاص، وهو مهيأ كغيره من رجال الدولة، منذ أول يوم عُين فيه للنقل أو الإحالة على التقاعد، كونه قد بلغه من حيث الخدمة. وحيدر الزبن غير مقطوع الأوصاف كما يقال، لكن الذي شفع له وحمل الناس لاستهجان ما قيل وأشيع، هو أن الرجل نظيف، ويعمل بجد ويقف ضد المفسدين في قوتنا الذي نصرفه على شراء حاجياتنا.
الحق أن إبقاء موظف أو ازاحته يجب أن تستند إلى معايير، غير النزاهة التي يملكها الدكتور حيدر، فبوسع المرء أن يعمل بحذر ويبقى حبيس المكتب ولا يسرق، لكنه لا يسهم في تقدم المؤسسة، بل يجمدها ويقتل روحها ويُغيب حضورها، أمّا صديقنا حيدر فميزته بأنه يقول:» هناك موظفون مؤهلون للقيام بكل مهامي التي أقوم بها، وأن ما انجز هو انجاز لفريق عريض من افراد المؤسسة»، معنى هذا أن الرجل ولّدَ قيادات بديلة، وانتج ثقافة في مؤسسته، قائمة على التحصين والرغبة بالعمل، ورسم هيبة وحضور للمؤسسة، في مقابل طمع وجشع التجار والمزودين.
في الختام، عاد حيدر أو اُبقيَ في مكانه، أمر تُشكر عليه الحكومة، وبوسع الدكتور حيدر أن يُعدَّ لنا كتاباً في ظروب المحتالين والمدلسين والغشاشين، ليقرأ الناس سيرة تجار البلد ووساطتهم من ذوي الشأن والجاه وأهل الفساد.
شكراً للحكومة، وهنيئاً لحيدر الزبن رصيده الجميل بين الناس، الذين قال بعضهم أيضاً أن هناك المئات مثل حيدر، وهذا صحيح فلهم جميعاً التحية امثاله ومن هم أكفأ منه، وشكراً لمجتمعنا الذي برغم توتره وانكشافه على الجوع والفقر، ما زال يرى خيراً برجال وطنه الطيبين أصحاب الانجاز الحقيقي ويدافع عنهم.
الدستور