ارسل لي الصديق زياد طارق عزيز نجل نائب رئيس الوزراء العراقي الاسبق الملقب في الاوساط العراقية زمن حقبة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين بـ» رجل المهمات الصعبة « على هاتفي الذكي فيديو لوالده يشرح فيه مدى تضرر تركيا في حال جرت الحرب على النظام العراقي لاسقاطه ( يبدو ان المقابلة اجريت قبل فترة قصيرة من الغزو الاميركي للعراق ).
يشرح عزيز الاضرار الاقتصادية التي يمكن ان تعصف بالاقتصاد التركي ، وبعد ذلك انتقل الى نقطة لفتت انتباهي بشكل كبير الا وهي تحذيره لرئيس الوزراء التركي وقتذاك رجب طيب اردوغان من خطورة اضعاف الدولة المركزية في بغداد ، حيث اوضح له ان ضعف حكومة بغداد سوف يغرى الكرد بالانفصال وهو امر سيرتد على تركيا بصورة مباشرة ، اما من خلال تشجيع اكراد تركيا والبالغ عددهم وقتذاك 15 مليونا على الانفصال اسوة بكرد العراق ، او من خلال اضطرار تركيا للتدخل العسكري في شمالي العراق لمنع الانفصال بالقوة العسكرية وهو امر يحمل مخاطر جمة وسيخلق مواجهة تركية – عراقية.
هذا الفيديو انتشر بصورة كبيرة جدا في وسائل التواصل الاجتماعي لسببين ، الاول هو الاعجاب الشديد بالرؤية الاستراتيجية بعيدة المدى للمرحوم طارق عزيز ، والثاني تزامنه مع خطوة الاستفتاء في كردستان العراق وبدء الحديث عن انفصال الاقليم عن الدولة العراقية.
ضعف الحكومة المركزية في بغداد هو من اهم الاسباب التى دفعت رئيس الاقليم السيد مسعود بارزاني لاختيار هذا التوقيت لاجراء الاستفتاء ولاحقا المضي في الانفصال واعلان دولة كردية مستقلة تاسست ملامحها منذ عام 1991 مع بدء تطبيق قرار الحظر الجوي على الاقليم وفقا لقرار مجلس الامن الدولى رقم 688.
الضعف الذي اتحدث عنه هو نتاج عدة عوامل من ابرزها :
اولا: الطائفية السياسية التي هيمنت على النظام السياسي في العراق بعد الاحتلال الاميركي وكرست المكون الشيعي كحكام للعراق.
ثانيا: عجز النظام السياسي الطائفي من بناء دولة عصرية بل عمل هذا النظام على احتضان الفساد المالي والاداري بحيث اصبح العراق في مقدمة الدول على سلم الفساد وفق تقارير منظمة الشفافية العالمية وتحول من الناحية العملية الى دولة فاشلة.
ثالثا: تحولت الدولة العراقية من ناحية عملية الى دولة يهيمن عليها النظام الايراني الذي ساهم بشكل كبير في زيادة « تخلفها « وعجزها عن اللحاق بركب الحضارة والمدنية ، فعراق ما بعد صدام هو بلد بلا ماء وبلا كهرباء ومازال يعتمد على البنى التحتية للنظام السابق والتي اهترأت وتآكلت.
رابعا: عجز العراق الطائفي عن بناء هوية وطنية جامعة ، مما ساهم في بروز الهوية الطائفية والهوية القومية الامر الذي دفع الكرد في التفكير جديا في التعويض عن هويتهم الوطنية العراقية بهويتهم القومية – الكردية ، وهو واقع يعيشه العرب السنة ايضا والذين من الممكن ان يقدموا في مرحلة من المراحل في المستقبل على الانفصال تمهيدا لقيام كيان سياسي خاص بهم.
مستقبل الانفصال الكردي محفوف بالمخاطر على الصعد كافة ، ومستقبل العراق ذاته في حال بقيت الازمة بين اربيل وبغداد على ما هي عليه ، ومن المتوقع ان تزداد وتتعزز حاله الفوضى وغياب الاستقرار ، والمخرج الوحيد هو الحوار الوطني الجدي لكل المكونات من اجل البحث عن حل يبقى العراق موحدا وفي الوقت ذاته تتحقق لكل مكون قومي طموحه في تقرير المصير وهذا لا يتحقق الا من خلال دولة كونفيدرالية وليس كما ينص الدستور العراقي على دولة فيدرالية.
الراي