يُسمع بيننا فكرة تردد بأن الزمان تغير بسرعة ومجتمعنا بات يعاني من انفلات في المنظومة الاخلاقية والاجتماعية. أشفق على الزمان لأني لا أرى المشكلة قابعة إلا في عقولنا. فهناك أفكار خلاقة تظهر من حين لآخر لتفنى في نفس الوقت الذي ظهرت فيه والسبب ليس الفكرة أو عدم وجود داعمين لها، بل لوجود السلبيين المتهجمين على كل ما هو جديد وخارج عن المألوف. وإذا أعطيت مجالاً ونجحت فكرة، فانهم قادرين على أن يبحثوا في الزوايا لانتقاصها والتقليل من أهميتها.
بديهي أن المجتمع ينمو ويتطور دون أن يكون هناك توافق تام بين أعضائه، لذلك تحتم علينا أن نحترم رأي الاخر بغض النظر وافقنا أو عارضنا. ومن مظاهر احترام رأي الاخر هو الاصغاء. أما التكنيك الذي بتُ أستعمله مؤخرا مع مجموعة "دائمي الاعتراض" هو أن أصغي جيداً لكن من دون تعليقٍ يُذكر، وأفضل الصمت دون الاستمرار بحديث يرهق العقل ويمتص الطاقة الإيجابية. أحترم شخصياً من ينتقد موضوعٍ ما ويكون هدفه البناء، على أن يقترح بنفس الوقت حلاً أو يعرض فكرة بديلة بناءة كون هذا يقود الى التطور والتقدم. وأصادف آخرين ينتقدون لمجرد الانتقاد الذي برأيي يعكس فراغاً فكرياً كونه لا يقدم بديلاً أو فكرة للتطوير والتقدم كأنهم يقولون نريد التطور والتقدم الذي يخدم مصالحنا وحسب رغباتنا ليس الا.
آن لنا أن نتقدم و نحدث إصلاحاً في الفكر- ثورة فكرية ذاتية- نرفض فيها مخلفات فكر القرون الماضية و ننقلب على العتيق البالي، لان العصر الحديث له ذهن وفكر وأسلوب منطقي حديث. أما العاقل فينا هو من يعيش أقوال السيد المسيح: "لماذا تنظر الخشبة التي في عين أخيك. وأما الخشبة التي في عينك فلا تفطن لها." والحقيقة بأنه لا أحد منا يمتلك الحقيقة كاملة وجميعنا نعلم بعض العلم ونعرف بعض المعرفة، لذلك قيل "تحب الرب إلهك من كل قلبك .. وتحب قريبك كنفسك."