صدور "خزائن المرئي" للناقد غسان مفاضلة
30-09-2017 02:48 PM
عمون- صدر حديثا عن دار البيروني للنشر والتوزيع في عمّان كتاب "خزائن المرئي" للناقد والفنان التشكيلي الأردني غسان مفاضلة. يتناول الكتاب الذي حمل العنوان الفرعي "مشهد نقدي في التشكيل العربي المعاصر" العديد من القضايا والإشكاليات التي اقترنت ببدايات الفن التشكيلي المعاصر في العالم العربي ومساراته وتحولاته، وما صاحبها من ظواهر ومتغيّرات سادت وتجذّرت في المنطقة العربية منذ بدايات القرن الفائت. ويضم الكتاب في عديد أبوابه ومحاوره التي جاءت في 232 صفحة بقطع متوسط، انعكاس الصراع المتوتر بين الفنان العربي وذاته من جهة، وبينه وبين الفنان الغربي من جهةٍ أخرى، في ظل سياقات ظرفيّة غير متكافئة، ما ساهم في تشكيل صورة ضبابيّة صبغت أفق المشهد التشكيلي برمته، خاصةً صورة الفنان العربي الذي ما يزال يبحث عن معالمها وخصوصيتها حتى الآن.
ويعزي المؤلف في السياق ذاته، إلى مساهمة الفنان العربي نفسه في تضبيب تلك الصورة، من خلال محاولاته القسرية في البحث عن هويّة ذات إحالات مرجعيّة يتكئ عليها في منجزه التشكيلي. وهي محاولات لم تغادر منطقة الاجترار والتجريب على المعطيات المُنجَزة في التشكيل الغربي. ويخلص إلى أن مخرجات تلك المحاولات هي مخرجات "هجينيّة" لأنها لم تنطلق أساساً من خصوصية ذاكرتها الثقافيّة، ولم تنهل، بدايةً، من معطيات خزانها الرمزي والجمالي؛ فجاءت منجزاتها، في أحسن أحوالها، بمثابة توليفات بين المنجز الغربي بمدارسه واتجاهاته الحديثة، وبين المعطيات البصرية الناجزة التي توفرت عليها الحضارة العربيّة والإسلامية.
ويعاين الكتاب في عدد من محطاته، سؤال الشرعية والفاعلية الذي أملته الموجات المتلاحقة للفنون المعاصرة في الغرب، والتي هبطت، فجأةً، مع مطلع الألفية الثالثة في محيطها العربي من دون سياقات ثقافية واجتماعية، واجتاحت مؤسساته الفنية، خاصة مع فنون التجهيز والفيديو والحدث والأداء والمفاهيم والبيئة "موجات ما تزال تُثير العديد من الشكوك حول الترويج لـ(فن) مقطوع الصلة عن محيطه الجمالي والاجتماعي والسياسي، ومعزول عن أفقه البيئي والتراثي". رائياً أن سؤال الشرعية والفاعلية حول موجات الفنون المعاصرة في بيئتها العربية، لا ينفصل عن الممارسات والسياسات المسؤولة عن السؤال حول خفوت صوت الثقافة ومسعاه الجمالي والتنويري، مقابل شيوع ثقافة الاستهلاك والتسطيح والتجهيل.
أستاذ النقد التشكيلي والدراسات الجمالية في الجامعة الأردنية د. مازن عصفور، عدّ كتاب "خزائن المرئي" محاولة جريئة في طرح التحليل الظواهري المتوازي بين التجربة الحياتية/ الجمالية والرؤية الفنية وتمثيلاتها البصرية، وهو ما جعله يقترب من المعاينة اليقظة للعلاقة الإشكالية بين الفن والنقد والعالم.
وفي تقديمه للكتاب، أشار عصفور أن المؤلف تناول من خلال أدوات تحليلية أقرب ما تكون إلى الظواهرية المحايدة، تجارب العديد من رموز الحركة الفنية والعربية الذين كانت لهم بصماتهم الريادية في الفن التشكيلي خلال القرن المنصرم، مستقصياً مساراتها، ومتتبعاً لتحولاتها، استناداً إلى قراءة تحاول استجلاء العلاقات التبادلية بين الشكل والمحتوى واللغة الفنية الخاصة بكل فنانٍ على حدة، في تناول دقيق لأكثر الإشكاليات صلة بموضوع (الأمية البصرية) وهي إشكالية النقد الفني في العالم العربي، نظراً للدور الذي يضطلع به النقد في تأسيس قراءة العمل الفني وتشكيل الثقافة البصرية في حقولها المتنوعة. (بترا)