أهم رسائل "هار أدار" .. العمليات قد تتأخر ولكنها لا تموت
29-09-2017 10:23 AM
عمون - كان الاحتلال الصهيوني يقترب شيئاً فشيئا من الاحتفاء بمرور فترة ليست بالقصيرة دون وقوع أي عمليات أو محاولات لإشعال انتفاضة القدس مجدداً، معتقداً أنّه بذلك استطاع أن يمهد للوصول إلى حالة شاملة من الأمن بقمع الانتفاضة وإخماد نارها، حتى بددت عملية "هار أدار"، أحلام اليقظة الصهيونية، "فالفلسطيني قد يهدأ، كي يلتقط أنفاسه، لكنه لا يتخلي عن مبادئه ووطنه وأهله".
وقد مثّلت العملية فشلا جديدا للمنظومة الأمنية الصهيونية، وتحديدا لسياسية "اقتلاع الجذور"، التي أعلن عنها قائد فرقة الضفة الغربية في الجيش الصهيوني، العميد ليئور كرملي، بتاريخ (21 أغسطس2017).
فـ"كرملي" عند استلامه لمنصبه الجديد قبل سنتين، زعم أنه يمتلك الحلّ المناسب للواقع الأمني المُعقد في الضفة الغربية، وتكمن في صلب "العمليات الفردية"؛ وصولاً للمحافظة على استقرار الأوضاع الأمنية.
والاستقرار -بحسب تعريفه- هو استمرار الحياة الطبيعية للمستوطنين، ولغالبية السكان الفلسطينيين، غير المنخرطين في "الأعمال العدائيّة"، وأما الحلّ لديه فهو سياسة قمعية شمولية مستمرة تعمل على المدى الطويل، ولا تقوم على ردة الفعل.
الأمن المزعوم
"عملية القدس تقع في وقت تزعم فيه إسرائيل قضاءها على انتفاضة القدس، وملاحقتها للخلايا المسلحة، وهي صفعة قاسية لأجهزة الأمن" هذا ما قاله عدنان أبو عامر، المختص بالشؤون الصهيونية لـ"المركز الفلسطيني للإعلام"، مبيناً أنّ هذه العملية تذّكر "إسرائيل" بأنّ أمنها الداخلي به ثغرات، قبل حديثها عن تهديدات خارجية.
فيما شاركه المحلل أيمن الرفاتي الرأي، مؤكّداً أنّ العملية تؤكد فشل جميع الخطوات الأمنية الصهيونية التي تحاول وقف المقاومة الفردية في الضفة المحتلة.
في حين يؤكّد المحلل السياسي صلاح الدين العواودة، أنّ مجيء منفذ العملية "نمر جمل" من قرية بيت سوريك التي يعزلها الجدار، وكونه ممن يحملون تصريحا للعمل في المستوطنة - وفقاً لرواية الاحتلال - يأتي إجابة على أن التنسيق الأمني والتصاريح، لم ولن يجملا شكل الاحتلال البشع، "فأن يمنّ الاحتلال على فلسطيني بتصريح ليعمل من أجل لقمة عيشه وأولاده في أرضه المغتصبة، لن يجمّل صورة المغتصب، ولن ينسي الفلسطيني أنه صاحب هذه الأرض" كما قال.
الهدف والتوقيت
ويقول أبو عامر: "يبدو واضحا أن مستوى هذه العملية، وتخطيطها، وطبيعة الهدف الخاص بها، تحقق بنتائجها، (مقتل ثلاثة جنود مدججين بأفتك الأسلحة)، فالتخطيط الجيد يقود لتنفيذ جيد، ونتائج جيدة في معظم الأحيان، وهذا اللون من العمليات يقدر عليه الجميع، فلا يقتصر على ذوي الانتماء الحزبي والتأطير التنظيمي والعاملين في صفوف المقاومة".
فيما يشير الرفاتي، أنّ العملية تحمل دلالات كبيرة على شجاعة المنفذ، حيث إنّ شخصا واحدا، بمسدس صغير استطاع السيطرة على 4 جنود صهاينة وقتلهم، بإطلاق النار والطعن.
ويعدّ الأخير، أنّ توقيت العملية في غاية الأهمية، "في ظل سير الاحتلال بخطوات عملية وكبيرة لتهويد القدس والمسجد الأقصى، بالإضافة لتكثيف الاستيطان في الضفة المحتلة بشكل موسع دون أي حسيب أو رافض لهذا الاستيطان" كما قال.
فيما يذهب العواودة، بالقول إنّ هذه العملية تبعث رسائل للمستوى السياسي الفلسطيني، "لا مبرر لكم لتقديم التنازلات، فإن عجزتم عن المقاومة وفقدتم الأمل فإن فلسطيني واحد رب أسرة بالغ عاقل وليس شاباً (طائشاً)، يقول لكم لقد تعبتم فاستريحوا، واتركوا شعبكم يقاوم الاحتلال على طريقته".
زوبعة رد الفعل
ويتوقع الرفاتي، أن تثير العملية ردود أفعال داخلية كبيرة في دولة الاحتلال، وسيكون اتهامات للجيش والشرطة بالتقصير بعد تصريحاتهم الأخيرة بأنهم استطاعوا القضاء على انتفاضة القدس.
وهو ما أكّده الأكاديمي أبو عامر، حيث قال: "عملية القدس من المتوقع أن تثير ردود فعل صاخبة في إسرائيل، ويتبادل فيها الساسة ورجال الأمن والجيش الاتهامات بالتقصير والإهمال".
فيما يعدّ العواودة، أنّ هذه العملية رسالة قوية إلى ترمب وإلى المجتمع الدولي، أنّ لا صفقات ولا تسويات ولا طي للقضية الفلسطينية، ووضعها في أدراج النسيان لن يغير من الواقع شيئا بأن هناك احتلالا وشعبا يقاوم.
تكتيك جديد
ويشير أبو عامر، إلى أنّ عملية القدس بإطلاق النار تأتي في وقت عزت فيه القنابل، في تكتيك جديد يقوم على اعتبار البندقية أفضل من القنبلة، وهي خطوة تؤدي لتسهيل العمليات ضد قوات الاحتلال، والحصول على قدر أكبر من التبرير السياسي، وبالتالي يتحول المسلح بالبندقية إلى قنبلة بشرية، لكن لا يترك خلفه صور انفجارات.
ويضيف: "هذا اللون من عملية القدس، رغم بساطته وقلة التعقيدات الكامنة فيه، يكرس شكلاً أساسياً من أشكال العمل المقاوم التقليدية، في ذات الوقت الذي يحقق فيه مستوى واسعا من الانفتاح الشعبي على الانخراط في المقاومة عبر تبني هذا الأسلوب الذي يقترب من إمكانات وقدرات الجماهير".
ويواصل أبو عامر حديثه بالقول: إنّ "عملية القدس باستهدافها للجنود ورجال الأمن، تسلب من إسرائيل المبررات الأخلاقية بخصوص الطابع غير الإنساني للمقاومة الفلسطينية، فضلا عن منحها تحفيزا لمنفذين آخرين ينتظرون في الطريق، تؤدي لزيادة جرأتهم".