الاعلام رسالة .. والحصول على المعلومة حق .. !!
د.طلال طلب الشرفات
28-09-2017 03:06 AM
في الدول المتحضرة والتي تحترم سيادة القانون يلعب الاعلام فيها دور الرقيب الامين والضمير الجمعي الذي لا يغادر الحقيقة ولا يكون اسير القلق من سؤال هنا او مساءلة هناك ، والسبب في ذلك يعود الى المهنية والاحتراف والوصول الى المعلومة الدقيقة بقوة القانون ، وكم من مسؤول فاسد حوكم وادين بفعل الاعلام ، وكم من حكومة استقالت او أقيلت بسبب تقرير صحفي او مطاردة اعلامية وجدت في فضاء الحرية افقاً للانتصار للمال العام والثقة العامة .
في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية اشارت المادة التاسعة عشر لحق الحصول على المعلومة باعتبارها حقاً لصيقاً بالثقة العامة واستقرار المجتمع ، ولأهمية هذا الحق تنادى المجتمع الدولي الى اعتبار الثامن والعشرين من ايلول من كل عام يوماً عالمياً لحق الحصول على المعلومة ؛ يتم من خلاله تقييم حرص الدول على احترام هذا الحق وتفعيل اثاره في مكافحة الفساد واحترام حقوق الانسان .
الغريب في الامر ان الانتكاسة مزدوجة في الحالة الاردنية ، فالحصول على المعلومة حالة انتقائية في الواقع الوطني ، واحتكار الحرص الوطني من قبل الحكومة ومؤسساتها بل حتى من الاجهزة الرقابية والبرلمان يشكل حالة من العبث ، والجزئية والاجتزاء والوصاية على التفسير الذاتي لنصوص القانون المعتلة اصلاً في تقرير هذا الحق واقع مؤلم ، واضافة سلبية لكل مشاريع الاصلاح التي ما زالت حبراً على ورق ، وامنيات يجهد القائمين عليها لأقناع المنظمات الدولية عبثاً بأن الاردن قد قطع اشواطاً في تقرير هذا الحق خلاقاً للحقيقة .
افهم اخفاء المعلومات الامنية والعسكرية او تلك المتعلقة فعلاً لا ادعاءً بالأمن الوطني ، ولكن لا يمكن ان افهم او اتفهم تلك الوصاية المخجلة على معلومات من شأنها حفظ المال العام وتعزيز الثقة العامة ، سيما وان حق الحصول على المعلومة من المعايير الاساسية التي اعتمدتها المنظمات الدولية ومنها منظمة الشفافية الدولية لتحديد مؤشر مدركات الفساد ، وهذا من الاسباب التي اسهمت في تراجع مستوى الاردن في هذا المجال الى مستويات لا تليق .
الاعلام في الاردن يشهد حالة انتكاسة ويعبر عن حالة الشلل والعجز الذي يعتري الحكومة والبرلمان والاحزاب والنقابات ومؤسسات المجتمع المدني ، والاعلام في الوطن يعبر عن حالة انفعالية ويفتقر للمهنية والنضج ، وفي غالب الاحوال يجسد سياسات الحكومة خوفاً من بطشها من خلال قانون المطبوعات والنشر ، فالصحافة اضحت تقتصر على قدامى الساسة ، والتلفزيون الاردني اصبح يصارع انفاس البقاء لقصور الرؤيا الاستثمارية في استثمار الارض التي يملكها والتي تكفي لوحدها في رفده بعوائد تكفي لإنجاحه بعد اصلاح ادارته واسلوب العمل فيه ، وبعد ان يعي انه مؤسسة اعلامية للوطن وليس للحكومة فقط .
بعض المواقع الاعلامية اضحت تمارس دوراً يصل الى مستوى الجريمة في ابتزاز المؤسسات والشركات لغياب المعلومة التي يفترض انها تتنافس للحصول عليها من اجل ايصالها بوقتها للرأي العام ، والتي تؤدي الى زيادة عوائدها الاعلانية لتعزيز مهنيتها وتخليصها من حالة السطو على سمعة الافراد والمؤسسات ، وبعض المواقع الاخرى انتهجت اسلوباً معقولاً ونجحت في كسب ثقة الناس وحققت ايرادات تعزز مع الوقت استقلاليتها اكثر بل اضحت تتفوق على كبريات الصحف في المشاهدة والثقة بالخبر الصحفي .
حق الحصول على المعلومة ليس منة من الحكومة وفشل مجلس النواب في تكريس هذا الحق سينعكس على الاجوبة على اسئلتهم النيابية التي اضحت تثير الشفقة والحزن فالبرلمان ليس مؤسسة شكلية بل له دور رقابي اساسي وتشريعي ناجز ان اراد او استطاع ، فما الذي يجري ؟ والى اين نسير ؟ وحمى الله الوطن ....!