التهرب الضريبي حصوة في كلية هذا الوطن. والفساد حصوات في كليته الأخرى، وفي مرارته التي تكاد أن تفقع من هول عدد قضايا الفساد المعلقة.

والحصوة ما هي؟ إنها تكور مواد كيميائية بحالة صلبة في إحدى الكليتين أو كلاهما لارتفاع تركيزها في ظل شح السوائل في معظم الحالات المرضية. والطب يقول اليوم: يعتمد تكوّن الحصوة في أجسام دون غيرها على طبيعة الجسم.

والأجسام التي لضعف ما بطبيعتها لا تستطيع التخلص من تلكم المواد الكيميائية مطلوب من
مرضاها أن يسيروا في حياتهم على هدي المثل القائل: "درهم وقاية خير من قنطار علاج". والصورة على أحد وجهي هذا الدرهم هي شرب كميات كافية من السوائل وخاصة الماء. والماء ثلاثة أرباع جسمك، وهو ثلاثة أرباع الكرة الأرضية، وأنت من تراب، وسلامة فهمك! وأما الكتابة على الوجه الآخر لهذا الدرهم فهي: الحركة بركة!

إذ تتهرب "أنت" من دفع ضريبة الدخل فأنت مثلك مثل مريض الحصوة الذي لا يشرب كميات كافية من المياه! فتساهم من حيث لا تدري بزيادة العجز في الموازنة، وتشارك من حيث لا تشعر بنقصان الإيرادات الحكومية فتدفع أنت الحكومة لا إراديا لتفتيت حصوة التهرب الضريبي الرابضة على تخوم إحدى كليتي هذا الوطن بالموجات الفوق الصوتية المنبثقة من جهاز صندوق النقد الدولي عفوا صندوق "النكد" الدولي!

وإذ تتقاعس "انت" عن مكافحة الفساد فأنت مثلك مثل مريض الحصوة الذي لا يتحرك! تساهم من حيث لا تعرف بزيادة تركيز الفاسدين في ظل شح المال العام، وتشارك من حيث لا تدرك بنقصان النفقات العامة بشقيها الجارية والرأسمالية فتدفع أنت الحكومة لا شعوريا لاستئصال حصوات الفساد الراكدة في حوض الكلية الأخرى بعملية جراحية تحتمل الفشل والنجاح بنفس النسبة على أيدي اطباء مستشفى صندوق النقد الدولي عفوا صندوق "النهب" الدولي!

ومن "أنت"؟ "أنت" هو المواطن أحد وجهي العملة الوطن، و"انت" هو المسؤول الوجه الآخر لهذه العملة الثمينة النادرة الفريدة في وجودها! وكل مسؤول مواطن لكن ليس كل مواطن مسؤول.

ومن منا لم يختبر آلام المغص الكلوي؟ ومن منا لم يصرخ بأعلى صوته حينما تباغته نوبات المغص الكلوي على حين غرة في موهن الليل كان ذلك أم في وضح النهار؟

فرجائي إليك أيها المواطن وتوسلي إليك أيها المسؤول ألا تجعلا هذا الوطن يئن من آلام المغص الكلوي ذات ليل قمره مخسوف أو ذات نهار شمسه مكسوفة!