برغم ان عيوننا تحمل نفس التكون ،حدقة وبؤبؤ وشبكية وقرنية وشعيرات ، الا أنها لا ترى سوى «الهوى» الذي يعنيها..
التاجر يراك زبوناً،البنك يراك عميلاً، سائق الحافلة يراك راكباً، الطبيب يراك حالة ، وشرطي المرور مخالفة ، وقرصون المقهى «بغشيشا»، والمدير يراك راتباً كبيراً وعبئاً ثقيلاً، الديكتاتور يراك متمرّدا، الحكومات تراك رقماً في التوظيف أو الضريبة..كل العيون تراك على منفعتك ومضرّتك لا أحد ينظر اليك على انك انسان وحسب..
في ألمانيا اضطرت السلطات هناك قبل أسابيع لإجلاء أكثر من ستين ألف شخص من فرانكفورت لتقوم بتفكيك قنبلة ضخمة من مخلفات الحرب العالمية الثانية ، كل من توقعت أن يؤذى أو يُزعج أو يُصاب أو يمسّه سوء في حال فشل تفكيك تلك القنبلة القديمة المتهالكة تم إبعاده عن المنطقة حفاظاً على سلامته..وبالفعل نجح خبراء المتفجرات بتفكيك القنبلة وإبطال مفعولها حسب المتحدث باسم الشرطة الألمانية وعاد السكان إلى أماكنهم..
إجلاء أكثر من 60 ألف شخص في فرانكفورت من أجل قنبلة ، وفي سوريا تلقى القنابل على أكثر من 60 ألفا بين امرأة وطفل وعجوز دون سابق إنذار أو تحذير أو ذنب يذكر..هنا تتضح المفارقة بين شرح الإنسان في مفهوم الدول المتقدّمة ومفهوم الإنسان في مفهومنا نحن..
مارتن لوثر كنغ خطب قبل أكثر من نصف قرن خطابه الشهير «عندي حلم» مطالباً إلغاء التمييز ضد السود في أمريكا..الحلم هناك دار في فلك الوعي ، فتحرك أنصاره وطالبوا بحقوقهم، وذابت الفوارق تقريباً ونجحوا في انتخاب أول أمريكي من أصول افريقية «أوباما» قبل سنوات قليلة..لقد تحقق الحلم..
ونحن أيضاً «عندنا حلم»..حلمنا العربي أن يعيش الإنسان بسلام ، يشعر بقيمته العظمى ، كصانع الانجاز وهيكل الدولة ، حلمنا العربي ان نعيش بأوطان تحبنا وتحترمنا ، لا تخيّرنا بين الموت والتهجير..عندنا حلم ،وعندنا «300 مليون مارتن لوثر كنغ»..لكن ليس لدينا خطاب واحد وموحد!!
الراي