مقموعون أم قمعيوند. ماجد الخواجا
16-04-2007 03:00 AM
المتتبع لأداء النوّاب خاصةً في مجال مناقشة وإقرار القوانين يلاحظ جملة مفارقات تستدعي التأمل والمتابعة.. لقد شاهدنا كيف تمت عملية مناقشة وإقرار الموازنة والتي حاول فيها السادة النوّاب إظهار استئسادهم ورفع سقف مطالبهم بحيث بانوا وكأنهم الثائرون الجدد..ثم جاءت مناقشة قانون البلديات والذي جاهد بعض النوّاب لتثبيت بعض المواد التي تساهم في رفع منسوب شعبيتهم ومكاسبهم خاصةً ما يتعلق بالمادة التي تجيز للنائب أن يكون عضواً في البرلمان وفي البلدية بآنٍ واحد.. ثم جاءت مناقشة قانون المطبوعات والذي أظهر السادة النوّاب بثوب الأكثر تطرّفاً وتشدداً حتى من الحكومة صاحبة القانون.. بحيث بانوا وكأنهم المستبدون الجدد.. وجاءت مناقشة قانون الأحزاب السياسية لتظهر النوّاب في مظهر القمعيون الذين لا يريدون للحياة الحزبية أو السياسية أن تتقدم قيد أنملة.. إضافةً إلى تميّز هذا المجلس النيابي باستخدام بعض النوّاب فيه للقنابل الصوتية التي تثير غباراً وضجيجاً لكنها سرعان ما تخبو وتتلاشى.. كذلك لوحظ أن هناك عدد من النوّاب الذين يمكن اعتبارهم بمثابة المحرّك لتأييد أو معارضة أي قرار.. وكان هناك بروزة إعلامية واضحة لعددٍ محددٍ من النوّاب.. مع ضمور هذا الدور لنوّاب مخضرمين كانوا يملأون قاعة المجلس باقتراحاتهم واعتراضاتهم، وربما السبب في ذلك هو درجة النضج البرلماني الذي اكتسبه هؤلاء.. بالتأكيد هناك استقطابات من قبل بعض النوّاب ذوي الخبرة والمكانة والمهابة والذين فرضوا أجنداتهم الشخصية والفكرية على سير الجلسات.. أما كتلة الاتجاه الإسلامي فقد كانت في أدنى حالات الفاعلية وربما تكون قد انغمست في متاهات اللعبة البرلمانية دون أن تتمكن من فرض رأيها ولو لمرّةٍ واحدة.. بل لقد تلقت هذه الكتلة عدة ضربات موجعة مثل قضية جمعية المركز الإسلامي وقضية تدقيق حسابات النقابات المهنية وخاصةًَ نقابة المهندسين.. فيما كانت المفارقة أن مجلس الأعيان ظهر عند مناقشة هذه القوانين وكأنه الأقرب للشارع وللمواطن وللحزبي.. بحيث أصبح ينطبق عليه تسمية مجلس الملك ومجلس الشعب معاً.. بينما يكاد مجلس النوّاب لا علاقة له بما تدعى القواعد الانتخابية والشعبية أو بأية مرجعياتٍ قانونية وتشريعية.. لقد ظهر للجميع مدى حاجة النوّاب للخبرات التشريعية والقانونية بحيث كان أحدهم يعارض في مداخلته ثم يحايد في مناقشته ثم يؤيد عند التصويت، وهذا إن دلّ على شيءٍ فإنما يدلّ على درجة الحاجة لدخول الحياة الحزبية إلى مجلس النوّاب.. فأن يبقى المجلس على هذه الشاكلة من الفردية والشخصنة ستظلّ تعيد إنتاج ذات الخيبات النيابية وذات المداخلات القراقوشية وذات الصفقات والضغوطات التي تمارس على النوّاب فرداً فرداً.. أكرر أن الخلل ليس في النوّاب وإنما في القانون الذي جاء بهم.. فهؤلاء النوّاب لو جاء بهم قانون يتيح للأحزاب دخول البرلمان، فإنه سيختلف أدائهم وبياناتهم ومداخلاتهم، وسنشاهد نوّاباً ربما بنفس الأسماء لكن سيكونون بأداءٍ مختلف تماماً.. لن أقارن بين أداء مجلس الأعيان وأداء مجلس النوّاب لأن المقارنة لا تتوفر فيها شروط التكافؤ بدايةً.. لكنني أتمنى إذا لم يكن المجال متاحاً لممارسة الديمقراطية الحقيقية في الانتخابات القادمة، بأن نبحث ولو بالحدّ الأدنى عن إيجاد مجلس نيابي بمستوى مجلس عام 1989م.. أي أنني أتمنى العودة ثمانية عشر عاماً للوراء لكي نشعر بشيءٍ من التقدم أو حتى الثبات...
|
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * |
بقي لك 500 حرف
|
رمز التحقق : |
تحديث الرمز
أكتب الرمز :
|
برمجة واستضافة